تدوينات لحرية الرأي وثقافة الحوار
الأمين البوعزيزي
تركيا الدولة الأمة الكمالية انبثقت من رحم الدولة العثمانية آخر نسخة من إمبراطورية المسلمين هي عضو بحلف النيتو ولها علاقات بالكيان منذ السنوات الأولى لزرعه.
تركيا الدولة الأمة (النموذج القومي الوستفالي) مازلت قائمة الذات مع أردوغان المحافظ في نسخة اسلام صوفي تركي (لا أحد من معارضيه الأتراك يسارا وقوميين يصمه بالأخونة كما يهرف قومج وبسارجية العرب وخاصة في نسختهم التونسية الأشد رثاثة). كل ما يفعله هذا الأردوغان هو محاولة الحد من جموح الدولة الأمة القومي في علاقة بتنوع مكونات الأمة التركية وجموح الدولة الأمة العلماني في علاقة بالاسلام ذي العلاقة الوثيقة بالشعوب التركية. وكذلك يسعى هذا الأردوغان إلى استثمار الرصيد الرمزي الذاكري لشعوب الدولة العثمانية مجالا استراتيجيا في الاقتصاد التركي وموقعها في لعبة الأمم.
كل هذه الطموحات ينظر لها الأتاتوركيون وكلاء نموذج وستفاليا بريبة وكذا قادة الكيان الإبادي وكذا ساسة الأورومركزية الذين لم تحررهم الحداثة من ذاكرة الحروب “الصليبية” بل دعمتها في خطاب علمنجي أشد رهابا من الإسلام!!!
وحده العربيد التونسي يراه صهيونيا ما لم يجعجع/بجغجغ “أن لا صوت يعلو فوق صوت البوط”.
لماذا يتشوف الاسلاموي العربي بل قل المغاربي لتركيا الأردوغانية ويسقط عليها استيهاماته المستعصية عربيا؟🤔
أذكر أني قرأت في تسعينات القرن الماضي مقالا محكّما للمؤرخ عبد الجليل التميمي يفسر فيه سر ريبة عرب المشرق من تركيا وتشوف عرب المغارب لتركيا، يقول هو التاريخ، ففي الوقت الذي لم ينس فيه عرب المشرق فترة السفاح العسكري العثماني جمال باشا في الشام. فإن عرب المغارب لم ينسوا الدور التركي العثماني في صد حروب الروكينكيستا الإبادية التي قادها الاسبان في ما عرف بحروب الاسترداد التي لم تقف عند حدود إبادة شعب الأندلس بعد ثماني مائة عام من الازدهار الحضاري بل طمعت في شمال أفريقيا.
ولعلي أضيف، وكذا ساهمت نشأة القومية العربية المتقاطعة مع سياسات الإنجليز وسائر الأوروبيين الاستعماريين في تفكيك أوصال دولة المسلمين المشتركة وإعادة هندسة خرائط المنطقة هندسة كولونيالية فشلت فيها القومية العربية فشلا ذريعا في تقرير المصير العربي فيما نجحت في تطبيق أسوأ ما في نموذج وستفاليا القهري.
يمثّل كل هذا أحد مداخل تفسير الهوى الاسلاموي العربي لتركيا الأردوغانية ورهاب إيران الملالي التي لم تمثل يوما ذاكرة مشتركة للمسلمين بل مثلت فارس التي نأت بنفسها باكرا عن تاريخ المسلمين الإمبراطوري المشترك.
ملاحظات عابرة في حجم هذا الفضاء التساؤلي السائل (ستجد طريقها إلى التعميق في فضاء ورقي أقل انتشارا لكنه أكثر هدوءا من مستنفري هذا الفضاء).
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
