عبد اللّطيف درباله
خاصّ ومؤكّد: اللّجنة العلميّة لوزارة الصحّة لم تكن موافقة على تخفيف الحجر الصحي العام بداية من اليوم الإثنين 04 ماي.. والحكومة لم تستشرها في أغلب القرارات..!!!
تونس ستدخل في المرحلة الثانية من التخفيف في الحجر العامّ يوم 18 ماي.. قبل حتّى أن تقيّم وتعرف نتائج التخفيف في الأسبوعين الأوّلين.. لأنّها لن تظهر علميّا وطبيّا إلاّ بعد 25 ماي القادم..!!
طبقا لمصدر رفيع ومطّلع وموثوق.. بوزارة الصحّة.. فإنّ الرأي الغالب للّجنة العلميّة المكلّفة بمقاومة عدوى فيروس كورونا لم تكن موافقة على التخفيف السّريع في الحجر الصحّي العام من طرف الحكومة.. ولا على رزنامتها.. ولا على الطريقة المتّبعة والمعتمدة..!!
وأكّد المصدر الرّفيع.. الذي يعتبر أحد كبار الإخصائيّين في المجال.. بأنّه ومع إقرار تسجيل نجاح في محاصرة الإنتشار الوبائي لفيروس كورونا في تونس طوال الأسابيع الماضية.. بما يتوفّر من إمكانيّات.. فإنّ النجاح لم يكن كاملا.. وأنّه كان مرتبطا أساسا بالحجر الصحّي العام.. وبفضله..
وأنّه ومع قلّة عدد الحالات الجديدة المكتشفة كلّ يوم.. فإنّ ما يقلق فيها أنّ أغلبها تصنّف ضمن العدوى الأفقيّة.. وأنّها حالات عدوى “عشوائيّة” ليست في محيط مرضى إيجابيّين آخرين معلومين.. ولا يعرف أصلا مصدر العدوى التي أصابتهم.. ولا من أين جاءهم الفيروس.. وهو ما يدلّ على تواصل وجود مصادر أخرى مجهولة للعدوى لا تزال فاعلة.. ووجود انتشار للعدوى لا يعرف حجمه الحقيقي..
ويمكن نظريّا لعودة النشاط والإزدحام والاحتكاك بين النّاس.. على نطاق واسع ومكثّف.. أن يطلق حركة العدوى للعودة بنشاط من جديد..!!!
لذلك فإنّ اللّجنة العلميّة كانت تفضّل تسجيل أسبوعين كاملين بدرجة عدوى سلبيّة للكورونا تقارب الصّفر.. أو بتسجيل حالات محدودة جدّا تكون معلومة المصدر المتأتّية منه العدوى.. الشيء الذي لم يحصل بتاتا قبل اتّخاذ الحكومة قرارها باستئناف النشاط نسبيّا..!!
كما أنّ اللّجنة العلميّة كانت تنتظر أن يقع اتّخاذ جميع الإجراءات اللاّزمة للتمهيد لتخفيف الحجر العامّ.. مثل القيام بمسح واسع ومكثّف عبر الإختبارات السريعة.. أو نشر الكمّامات على نطاق واسع لفرض حملها من جميع المواطنين في الشّارع.. وتوفير السوائل المطهّرة في كلّ مكان.. أو إعداد وإصدار كرّاس الشروط الصحيّة الواجبة التطبيق للمؤسّسات التي ستستأنف العمل.. مع إفساح الوقت لإتمام أعمال التحضيرات والرقابة للتأكّد من ضمان توفير وسائل الحماية والوقاية.. خاصّة في الإدارات والمؤسّسات والشركات والمصانع الكبرى ذات العمالة الكثيفة.. وفي وسائل النّقل.. وفي أماكن التجمّع البشري.. وغيرها الكثير..
وكنّا أوضحنا في مقال منشور سابقا.. أنّ شيئا من ذلك لم يحدث على أرض الواقع.. وأنّ الحكومة لم تتمكّن من إنجاز ذلك قبل تخفيف الحجر.. برغم أنّ رئيس الحكومة وعد بذلك بنفسه كشرط لرفع الحجر .. وقال بأنّه سيستغلّ الفترة من خطابة الأخير عند التمديد في الحجر يوم 19 أفريل.. إلى بداية التخفيف في الحجر يوم 4 ماي.. لتوفير كلّ الشروط والضمانات اللاّزمة لضمان الصحّة والسلامة ومنع إنتشار العدوى.. ولم يحدث ذلك بتاتا وقطعا..!!
المصدر المطّلع أكّد بأنّه ولئن اجتمعت اللّجنة العلميّة المكلّفة بمقاومة كورونا بوزارة الصحّة مع رئيس الحكومة وبعض الأعضاء منها.. قبيل أيّام من الإعلان عن إجراءات تخفيف الحجر في الندوة الصحفيّة الرسميّة يوم 29 أفريل 2020.. فإنّ ذلك لا يعني بأنّ اللّجنة كانت موافقة على القرار أو الخطّة.. وأنّ قرارها الإستشاري كان بأنّ البلاد غير مستعدّة حاليّا للتخفيف من الحجر الصحي العامّ..!!
لكنّ الحكومة كان لها رأي آخر..!!!
كما أنّه خلافا لما أعلنته الوزيرة المكلّفة بالمشاريع الكبرى لبنى الجريبي.. التي قدّمت وعرضت إجراءات الحكومة في الندوة الصحفيّة من أنّها تمّت باستشارة اللّجنة العلميّة.. فإنّ هذه الأخيرة لم يقع إستشارتها إطلاقا في أغلب القرارات المعلنة.. بما في ذلك القرارات بإلزام من سنّهم تحت 15 سنة وفوق 65 سنة.. والمرضى بأمراض محدّدة.. والنساء الحوامل.. بمواصلة الحجر الصحّي.. والتي لم يقع تماما مناقشتها مع اللجنة العلميّة.. واتّخذتها الحكومة بمفردها رغم ارتباطها الوثيق بالأمور الصحّية والطبيّة..!!!
عموما فإنّ الرأي السّائد لدى اللجنة العلميّة لوزارة الصحّة كان بأنّ يقع التمديد في فترة الحجر الصحّي الكامل لفترة ما بين أسبوعين وثلاثة على حالته السّابقة.. أي عمليّا إلى نهاية شهر رمضان.. وأن يقع الإنطلاق في تخفيف الحجر.. إن توفّرت الشروط المطلوبة المذكورة.. مباشرة بعد عيد الفطر.. عوض اليوم الإثنين 04 ماي.. إلاّ أنّ الحكومة كان لها رأي آخر تماما.. واستعجلت بداية التخفيف في الحجر..
وأنّ ذلك كان على المسؤوليّة الفرديّة للحكومة.. دون رأي إيجابيّ من اللّجنة العلميّة.. طبق ما هو موثّق..!!
اللّجنة العلميّة وكبار الأخصائيّين فيها التزموا حتّى الآن بواجب التحفّظ.. واكتفوا بالتعبير عن رأيهم الصّريح عبر قنوات العمل الرسميّة.. دونا عن الإعلام.. متجنّبين تجاوز وإحراج وزير الصحّة بتصريحات مضادّة لقرار الحكومة.. باعتبار أنّ الوزير يحاول المحافظة على توازن ما بين الصحّي والسياسي.. أي ما بين رؤية علماء ومختصّي وأطبّاء الوزارة.. وبين رؤية ورغبات وتوجّهات رئاسة الحكومة.. والتي تلحّ بأنّ لديها مشاكل حادّة أخرى اجتماعيّة واقتصاديّة وماليّة.. لا يمكن للحجر الصحّي العامّ أن يطول معها.. وأنّ النجاح النسبيّ المسجّل حتّى الآن في مقاومة كورونا يكفي لاتّخاذ مثل ذلك القرار دون خطر كبير في رأيها..!!
طبقا للمصدر الطبّي.. فإنّ نتيجة التخفيف للحجر الصحّي.. لا يمكن أن تظهر إلاّ بعد ما بين أسبوع وثلاثة أسابيع.. بما يعني أنّ معاينة تبعات ونتائج الأسبوع الأوّل الحالي للتخفيف.. لن تكون ممكنة إلاّ بداية من ما بعد 25 ماي.. أي مع فترة عيد الفطر وما يليها..
يثير ذلك عمليّا بعض الضبابيّة ومزيدا من الحيرة.. باعتباره يعني واقعيّا أنّ بداية تطبيق الجزء الثاني والأكبر من تخفيف الحجر الصحّي العامّ.. والمنتظر بداية من يوم الإثنين 18 ماي القادم.. سيدخل حيّز التنفيذ قبل حتّى أن يمكن معرفة نتائج وتبعات الأسبوع الأوّل من تخفيف الحجر الصحّي العامّ.. وتقييم مدى نجاحها أو فشلها.. وتسبّبها في إعادة نشر العدوى من عدمه..!!!
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.