تدوينات تونسية

الرئيس سعيّد قال أنّه لا يخشى المعارضة..

عبد اللّطيف درباله

المضحك أنّ قيس سعيّد قال أنّه يسير وسط الناس ولا يخشى إلاّ الله.. والحال أنّه كان يسير وسط الناس في موكب من عشرات الجنود وأعوان الأمن.. بعضهم كان من فرق النخبة الملّثمة في أزياء واقية من الرصاص والمدجّجة بالأسلحة الظاهرة والخفيّة.. منها رشّاشات حديثة كانت بارزة بأيديهم.. وكانت فرق الأمن المكثّفة بالأزياء البوليسيّة المتنوّعة ظاهرة تماما في لقطات الفيديو والصور.. عدا عن عشرات الأعوان الآخرين المتخفّين بالزيّ المدني..!!

المضحك أكثر أنّ الرئيس سعيّد قال أنّه لا يخشى المعارضة.. ولكنّه حرص على استباقهم لشارع الحبيب بورقيبة والعاصمة بيوم واحد في محاولة لإظهار أنّ لديه شعبيّة لدى المواطنين.. تحضّرا للجمع الجماهيري الذي سيظهر يوم 14 جانفي ويهتفون ضدّه وينادون بإسقاطه..
وأراد أن يُظهِر أنّه يتمتّع بالشعبيّة ولا يخشى المعارضة.. لكنّه ظهرا متوتّرا وفي عصبيّة بالغة وتكلّم بشكل شبه هستيري متهجّما بشراسة على معارضيه ناعتا إيّاهم بالعملاء والخونة.. ومهدّدا ومتوّعدا.. ففضح بأفعاله وأقواله خوفه من المعارضة ومن تكتّل الناس ضدّه.. وبدا مهتزّا وغير واثق من نفسه ومن شعبيّته وشرعيّته..

وقال قيس سعيّد بأنّ عيد الثورة هو يوم 17 ديسمبر وليس 14 جانفي.. بمعنى أنّه لا موجب لتجمّع الناس والاحتفال اليوم طبقا لدعوات مختلف قوى المعارضة والمجتمع المدني.. والحال أنّ شرارة الثورة اندلعت فعلا يوم 17 ديسمبر 2010 بحدث تلقائي.. لكنّ الثورة نجحت في الواقع بفعل قصدي بنهاية الديكتاتورية ورحيل الديكتاتور زين العابدين بن علي مساء يوم 14 جانفي 2011.. فكانت مناسبة للاحتفال بشعور التونسيّين لأوّل مرّة بالحرية إثر مغادرة طائرة بن علي الحدود التونسيّة بعيد غروب شمس يوم 14 جانفي.. لذلك كان الاحتفال بالثورة رديفا لذلك اليوم وذلك التاريخ تحديدا..
إلاّ طبعا للّذين ربّما يرون (بوعي أو لا شعوريّا) في سقوط بن علي ونظامه يوم 14 جانفي نكبة وليس عيدا.. خاصّة إذا كان من الذين كانوا يتمّعشون من نظامه ويلقون المحاضرات في القانون الدستوري وإنجازات صانع التغيير في احترام الدستور وتأسيس دولة القانون والمؤسّسات المزعومة وذلك في تظاهرات التجمّع واحتفالات أعياد السابع من نوفمبر التي كان يحضرها وفاعلا فيها أيّام كان بنفسجيّا متخفيّا.. واليوم صار أخضرا فاقعا ورافعا زورا لشعار “الشعب يريد” لفرض ما يريد هو وليس الشعب..!!

واليوم السبت 14 جانفي 2023 تواترت الأخبار من كامل أنحاء الجمهوريّة عن انتشار أمني مكثّف.. خاصّة بمخارج المدن والطرقات نحو العاصمة.. وذكر شهود عيان ووسائل إعلام وأطراف سياسيّة وأظهرت صور ولقطات فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ قوّات الأمن تمارس ضغطا وتفرض تعطيلات على الأفراد والمجموعات المتوجّهين للعاصمة للمشاركة في مظاهرات الاحتجاج ضدّ قيس سعيّد.. وأنّ منعا مقنّعا يمارسه الأمن ضدّ ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية في التجمّع والتنقّل والتظاهر والاحتجاج والمعارضة وذلك بإبطاء وصولهم للعاصمة عبر مختلف الطرقات بإيقاف السيارات الجماعيّة والحافلات من طرف الدوريّات والحواجز الأمنيّة بدعوى التثّبت.. حتّى فوات أوقات التجمّعات الشعبيّة المبرمجة..
هذا عدا طبعا عن تعزيزات أمنيّة كبيرة شوهدت في محيط القصر الرئاسي بقرطاج والطرقات المؤدّية له ووسط العاصمة تونس..

إذا كان كلّ هذا لا يعني خوف قيس سعيّد من المعارضة والمعارضين.. فما هو الخوف إذا..؟؟!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock