تدوينات تونسية

ما جاء في الفتنة الباجية الشاهدية

عادل بن عبد الله
واختلف فقهاء النمط في “التجميد” و”التمرميد” أيهما أبعد في العقوبة وأحرى بصاحب العزم. ولكنهم اتفقوا على أنهما داخلان في باب “التعزير” الذي أوكله الشارع لولي الأمر فيما لا حد فيه. وقد نقل بعضهم عن العلاّمة عثمان بطيخ مفتي بلاد التررني أنه يرى التجميد أشد في العقوبة. واحتج لقوله بأدلة أمتنها أن التمرميد كان للباب الأعظم الحبيب الصيد الذي لم يظهر منه من الجفاء وسوء الطوية ما ظهر ممن خلفه على كرسي القصبة. ولذلك ذهب العلاّمة بطيخ إلى أن التجميد مرحلة تعقب التمرميد أو تحل محله فيمن عظم جرمه وقلّ أدبه مع صاحب الكاريزما أيده الله. وقد ذكر أصحاب السير أن المخالف في هذه الفتوى نادر.
وأشهر من خالف في المسألة العلاّمة فريد الباجي الذي قال بأن التجميد كالمبتدإ لخبر آت لا محالة هو التمرميد. واحتج لذلك بأدلة نذكر أقواها وهي أن المفتي قد أساء الظن بصاحب الكاريزما لأنه توهّم أنه في حكم المضطر والأمر على خلاف ذلك. فما هو بالمضطر ولكنه أراد أن يتفنن في العقوبة فأوحى إلى الباب الأعظم يوسف الشاهد أنه في مأمن من عقوبة سلفه، وجاراه في بعض الأمر وهو آخذه لا محالة بجرمه وسيشرد به من خلفه وسيكون لمن خلفه آية. ومحصول فتوى العلامة فريد الباجي أن صاحب الكاريزما سيمضي العقوبة على قدر الجرم ولن تأخذه بمن خانه في موضع الثقة وشاقّه إذ أمن العقوبة…
قال الراوي: والتزم باقي فقهاء النمط الصمت أخذا بالأحوط ، فجمهورهم على دين الملك ولا يدرون أي الرجلين سيكون له عاقبة الأمر وأيهما ستدور الدوائر عليه دائرة السَّوء. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
مصنف مجهول، كتاب “فك الأحاجي عمّا ألغز من أفعال سي الباجي”

تعليق واحد

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock