جراح وزارة التربية… من يداويها ؟ 2/2
إسماعيل بوسروال
أتطرق في هذا المقال الثاني حول جراح وزارة التربية الى ما فعله الوزير الندائي المغامر ناجي جلّول.
سكاكين ناجي جلول في المنظومة التربوية
1. سكّين مشهد الإصلاح التربوي
مثّل ناجي جلول أسوأ مثال يمكن ان يكون وزيرا للتربية اذ كان فاقدا للمعرفة العلمية التي تستوجبها المهمة كما كان فاقدا للصفات الإنسانية التواصلية ليشرف على قطاع استراتيجي حسّاس.
في مشهد استعراضي فلكلوري جمع فيه 1000 شخص تم اختيارهم بعناية كما كان يفعل نظام بن علي، أطلق الإصلاح التربوي أفريل 2015… كان الجمهور الحاضر مختارا بالاسم حيث لم تتم دعوة إلا من كان يساريا استئصاليا متحمسا لدفع المنظومة التربوية نحو هوّة سحيقة.
وتلخّص الحضور في ثلاثة أصناف يمثلون طيفا واحدا :
- اليسار الإداري (في وزارة التربية).
- اليسار النقابي (مكانة خاصة للاستئصاليين في نقابة متفقدي الابتدائي ونقابة متفقدي الثانوي.
- اليسار المجتمعي متمثلا حصرا في المعهد العربي لحقوق الإنسان.
رافق هذا المشهد التهريجي عمليات سبر أراء “زائفة” لا تخضع لأي مقياس علمي -تتضمن أسئلة موجهة- تم تمريرها، ذرا للرماد في العيون، في المدارس الابتدائية والاعدادية والمعاهد الثانوية كي يقال ان المربين شاركوا في الاستشارة.
ادّعى ناجي جلول في تصريحات اعلامية ان الشعب التونسي شارك في الاستشارة التربوية ولم يبق سوى سكان الكواكب الاخرى 😃
2. سكّين مشروع القانون التوجيهي 2016/2015
تحالفَ اليسار الاستئصالي بأجنحته المتكسرة وتحلق حول الوزير المغامر ناجي جلول واستل سكاكينه وسيوفه واوغل في “تحرير” الفصول الوقحة التي لا ترتبط لا بالمنظومة التربوية ولا بالمجتمع التونسي ولا بالمدرسة المعاصرة… صاغ (السماسرة المشرعون) فصولا تائهة بين ركام قديم تنسف دستور 2014 وتتنكر لمكتسبات المدرسة التونسية وتعود الى الوراء مستخدمة “مصطلحات” حداثية زائفة ومغشوشة.
لقد كان مشروعا يدعو للرثاء… يؤكد عبث وتلاعب القائمين على وزارة التربية وحلفائهم… يكفي ان نشير الى انه في فصوله الاولى اعتبر مرجعيته (حقوق الإنسان الكونية) وتنكر في فصول أخرى الى اللغة الوطنية وتجاهل “قيم الحق والخير والجمال” التي تنبني عليها الحياة المدرسية والاجتماعية.
اما من الناحية اللغوية والأسلوبية فقد أحصى د. عبد العزيز الكردي 42 خطأ لغويا ارتكبها “منظرو مشروع القانون التوجيهي 2015”.
اؤكد ان القانون التوجيهي 2002 الذي تمت صياغته في ظل عهد الفساد والاستبداد يفوق بسنوات ضوئية ما أنجزه (الاستئصاليون السماسرة 2015).
لقد قدّم الائتلاف المدني لاصلاح المنظومة التربوية عرضا دام 5 ساعات أمام لجنة التربية بمجلس نواب الشعب وخرج النواب الحاضرون مقتنعين بهول الكارثة التي اسمها الإصلاح التربوي “الجلولي” ومدى افتقار الفريق التربوي والإداري الى “الكفاءة”.
3. سكين “المنهاج”
لم يتم إقرار القانون التوجيهي المهزلة 2015… بل اضطر الوزير المغامر ناجي جلول الى ترحيله الى الاطراف السياسية المشاركة في لقاءات “قرطاج 2” وبذلك القى به في المجهول… إلا أنه لم يتوقف على تعميق جراح المنظومة التربوية بسكين تغيير البرامج -دون سند قانوني- فأجرى تعاقدا مع مكتب دراسات فرنسي في صفقة مشبوهة لينتج “المنهاج”… غموض × غموض: غموض.
أعرف عناصر مكتب الدراسات الفرنسي هم ليسوا مختصين لا في الإصلاح التربوي ولا في وضع البرامج ولا إعداد المناهج… اختصاصهم الرئيسي هو (النقل التعليمي) وبذلك أسندت إليهم وزارة التربية التونسية ما ليس من مهامهم.
انبرى السماسرة داخل الوزارة وفي محيطها وفي النقابات المتمعشة منها إلى إنشاء اللجان وإعداد المنهاج العام وعدد من المناهج للاعلامية والتقنية والتحضيري… الخ… الخ… وبذلك تم انجاب مناهج غير شرعية من دون وثيقة قانونية مرجعية… لأن المرجع هو القانون التوجيهي 2002 وهو يعتمد المقاربة بالكفايات.
سكاكين أخرى لناجي جلول في الجسم التربوي
- تم إنشاء المدرسة الرقمية وأسندت إدارتها الى شقيقه.
- أٌحدث ديوان الخدمات المدرسية وأحاط به غموض في الحوكمة والتسيير وحفظ الصحة ونسبت اليه قضايا فساد وسوء إدارة.
- حدث اضطراب مستمر في تحديد نظام العطل ومواعيد الاختبارات… ولم نلمس اي اثر ايجابي لخطة إصلاحية.
من يداوي وزارة التربية 2020-2024 من الجراح التي سبّبها الوزير الدونكيشوتي الطيب البكوش والوزير المغامر ناجي جلول… التي استمرت إلى اليوم ؟!