تدوينات تونسية

صندوق الزكاة… لا خير في من عرَضه، ولا خير في من رفضه

زهير إسماعيل

لم يحظ الفصل المتعلق بقانون الزكاة بالمصادقة في مجلس النواب، وبقطع النظر عن ملابسات كل هذا فإنّ الأمر عندنا لا يتعلّق بالفشل في تمريره وإنّما بالسياق الذي نُزّل ضمنه. وقد تمّ تنزيله فصلامن فصول قانون الماليّة المعروض على المصادقة.

صندوق الزكاة فكرة مهمة في الاقتصاد الأهلي التضامني، ونظيرها في البلاد المتقدمة ما يعرف بـ “les fondations” وهي مؤسسات مجتمعية مستقلّة.
فلا إضافة في أن يكون قانون الزكاة ملحقا بالدولة في سياق اجتماعي سياسي سمته الانقسام نتيجة مركزية الدولة الحادة.
قانون الزكاة بابه الحكم المحليّ وفي انسجام مع التوجه الأفقي وإعادة تعريف الدولة ووظيفتها. وهو توجه عام محلي (الثورة) وعالمي يهدف إلى تدعيم توازن الدولة والمجتمع (توازن ضروري في بناء الديمقراطيّة)، ورد دور الدولة إلى الرقابة والتدقيق المالي والمحاسبة الدورية، في علاقتها بمؤسسات المجتمع.

الفشل في بلورة تصور عميق ومقنع للصندوق ودوره يعود إلى خوفين: خوف صاحب الاقتراح من الاتهام في ثقافته المدنية، وخوف الرافض للمقترح بدعوى المساس بمدنية الدولة وفي أصله موقف مضاد لثقافة الشعب ومرجعيتها الإسلامية.
لا خير في من لم يحسن عرض المشروع، ولا خير في من رفضه، في سياق تعرف فيه البلاد عجزًا ماليا وحاجة قطاعات مهمة كالتعليم والصحة وفئات اجتماعية عدة إلى مثل هذا الجهد.
في الدول الاسكندينافية تشرف هذه المؤسسات الاقتصادية الأهلية على كبرى الجامعات العريقة ومؤسسات الصحة النموذجية ومراكز البحث المحكمة.
تصورنا التقليدي للدولة ورواسب الإيديولوجيا وبقايا الصراع الهووي وضعف الثقافة المواطنيّة مازالت عوائق في سبيل بناء البلد وتحرير طاقاته.
الخوصصة، ومدنية الدولة ووحدتها، وبناء اقتصاد موازي (كأنّ الاقتصاد الموازي الفوضوي المسكوت عنه والأكثر تهديدًا للدولة جمعيات خيرية)، وتفكيك القطاع العام… كل هذه شعارات جوفاء يتحصّن بها المحافظون الجدد وكأنها تحمّل حجتها في ذاتها…
في ظل غياب الحوار الحقيقي والثقافة المتينة والمسؤولية السياسية تتواصل الشعاراتية بديلا عن التفكير الجدي في حلول لبلد منكوب لا يمكن من التصرف الناجع في موارده ومن خلال ثقافته.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock