فوضوية بريئة
نور الدين الختروشي
منذ اسبوعين تقريبا زارني أحد المنسقين الجهويين بالساحل من جماعة مشروع الرئيس فوجئت بأنه مستوعب جدا لفكرة المجالسية وتقنيات التفسير المستعملة في الاستقطاب تدل على أن الرجل وهو رجل أعمال وازن قد مر بدورات تكَوينية في مضمون المشروع الرئاسي وتقنيات الاستقطاب.
المهم تحاورنا لساعتين أو ثلاث بكل هدوء ومودة متبادلة
آخر كلامه كان عرضا بأن ينظم لي مناظرة مع رضا المكي تكون على المباشر
قبلت الاقتراح على مضض لأنني أعلم من خلال التجربة أن العمق والوضوح يضيع في “فن” السجالية الباحثة عن تسجيل نقاط على الخصم بأكثر من الحرص على الموضوعية والنزاهة في التعاطي مع الحقيقة خاصة لدى جيلي المسكون بذاكرة الصراع اليساري /الإسلامي في الساحة الطلابية.
لم يعاود الاتصال من ليلتها… وانتظر..
بل بالاصح كنت انتظر الى حد ظهور المكي في قناة التاسعة.. صراحة وصدقا فوجئت بسطحية الرجل وتأكدت ان بعض كوادر المشروع الرئاسي أكثر عمقا وصلابة وتكوينا من رضا واذكر على سبيل الذكر عبد السلام حيدوري من اليسار وسهيل الغنوشي من اليمين…
مع العلم ان مبادرة 13 أكتوبر وعلى ما يؤكد لي المقربون جدا من قيس لا علاقة لها بالرئيس ومنهم من يعتبرها ركوبا انتهازيا على اسم سعيد وانحرافا بالمشروع وتحريفا له..
الحاصل.. قناعتي وخلاصتي من السابق وغيره أن مشروع “الشعب يريد” في جوهره ومنتهاه فوضوية بريئة تبحث عن إعادة إنتاج تسوية قديمة بين ثالوث الحرية والعدالة والنظام خارج أفق فكرة التمثيلية وخارج إطار فكرة الدولة… وهي إذا تأولناها ايجابا ليست سوى انتروبولوجيا رومانسية متفائلة.. وإذا تأولناها سلبا ليست سوى نسفا لفكرة الاجتماع السياسي لصالح الجماعة الأخلاقية المكتفية بمخزونها القيمي لادارة تعايشها الاهلي أو المدني .. وهي -للمفاوقة- في عمقها فكرة دينية لم يثبت التاريخ قدرتها على التحقق لذلك انتصرت بالنهاية فكرة الدولة. فالمدينة الفاضلة بقيت فكرة ولم تتحول إلى حقيقة…