تدوينات تونسية

صراع الديوك على صفحات الفايسبوك

عبد النبي العوني

الدولة العميقة تشحذ سكاكينها و مجنزراتها وعتادها وعدّتها وعتيدها من قبل 14 جانفي لكي تتحوّز بطريقة أخرى ولو كانت ديمقراطية على مقدّرات ومسارات والمراكز الحيويّة في الوطن حتى مع وبعد الإرتجاج الدماغي الذي حصل محايثة لأيام الثورة والإرتدادات التي حصلت فيما بعد حتى انتخابات التأسيسي هذا هو لبّ الموضوع الأول في السياسة والإجتماع والمسارات التي تسلكها تونس بعد الثورة…
اللبّ الثاني هو أن الدولة العميقة هي في الحقيقة بها شقوق ونتوءات وأخاديد وبالرغم من جشعها وجشع شقوقها ومراكز نفوذها ومناطق ظلّها وظلامها فإنّ زعمائها كثر… لذلك تخضع في حركتها الغير متحكّم فيها أحيانا لقانون الجاذبيّة والمنفعيّة والزبونيّة والمصلحيّة فتلتجئ للعمليات التجميلية وللبتر المؤلم بدون تبنيج وللفضيحة وللفجور في الخصومة أو في المودّة وللتعميّة ولهندسة ما قبليّة للقوانين الدستوريّة أو الأساسيّة أو العاديّة ولشخوصها المختلفة المتنافرة والمتجانسة القدرة على العزف على القوانين نتيجة للدربة والحبكة والتكوين والقرب فتخضع أجنحتها وشخوصها لعمليّة داخلية وخارجيّة لتدوير الزوايا التي تفرضها قوّة الأجنحة ومدى نفوذها (وهذه الأجنحة تاريخيا ومن عهود ما قبل الباي لم تخرج من دوائر الساحل والبلديّة: دهاقنة مقامات السيّدة المنوبية وبلحسن الشاذلي وبوسعيد الباجي وسيدي محرز…)…
أمّا الذين يمارسون سرّا وعلانيّة وظيفة النقاء الثوري وعذريته فهم على الهامش، مثلهم كمثل عابر السبيل القادم على عجل أو على عِجْلٍ ثوري بربري لوليمة زردة أو خرجة أنفق عليها من خزينة الدولة كلّ من له صلة قرابة وجيرة وتجارة ورفقة بكمال تونس وحصانها المتخفي في ثياب الناسك الزاهد في السياسة وفنونها… فهم على هامش الإدارة-الدولة وعلى هامش الهامش الشعبي… فليس لهم من العير أو النفير إلاّ بعض المنابر ينفّسون بها قمقمهم… بعض هامش من الإعلام الرسمي وهامش كبير من صفحات الفايسبوك.. وهامش أكبر في دوائر مقاهيهم المغلقة… إعتقادا منهم واستسهالا في اللعلي والعسى أن يعيد الفايسبوك الإفتراضي وعبر أليافه البصريّة لهم ولنقائهم المغلّف والشبيه (adaptable ou generique) كلّ ما يحتاجون إليه من الكاريزما والحضور وتلبية احتياجات الناس النفسيّة ولتحطّهم في موقع الريادة المتخيَّل… لذلك ترى على الصفحات كمّا هائلا من الصراع والصياح المكتوم والفتوّة والعذريّة الإصطناعيّة والفحولة كصراع نموذجي للديوك في ساحات المدبنة العربي لكن فقط على صفحات افتراضيّة للفايسبوك ولبعض الهوامش الأخرى من المسطحات البصريّة (plazma) عبر صناديق الغرابة التي تبث على أمواج الأثير…
الحلّ الأساسي والجوهري في نظري… لمعالجة كلّ الرتوق وبطريقة متأنيّة ودقيقة وفاعلة وذات مردوديّة عالية على المدى الطويل:
أوّلا: عدم الإستعجال.
ثانيا: ثنيان الركبة للعمل الميداني وتعويض الفائض الإفتراضي بالعمل في الساحات والأزقّة والمقاهي والنوادي…
ثالثا: التعلّم جيّدا من دهاء منظومة الدولة العميقة و إصلاح اصطلاحا ولغة كل أدبيات السذاجة الظاهرة للكل وعيانا… إن كان في الزعماء أو في الأنصار ولي من الضروري قمع النرجسيات لأنّها فطريّة ومتجذّرة فينا نحن معمّري أراضي ما بين البحر والصحراء… لأنّ الإنتصار وفتح قلاع قسطنطينيّة الدولة الريعيّة الراعية لنفوذ الساحل والحاضرة ليس هيّنا كي تكون قلب معركته تتمحور حول بعض صفحات الكرونيكيرات والبلوغور على فايسبوك روزنبرغ…

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock