تدوينات تونسية

مكمن الداء

محمد بن نصر
يبدو أن الوعي العام للموجة الثانية من الثورات العربية -ليس مُهمّا هنا دقة التوصيف، الثورات يُحكم عليها بالمآلات لا بالمنطلقات- أن سقف طموحها أعلى بكثير من سقف طموح الموجة الأولى.
لعل لأنّها أكثر وعيا بالإستراتيجية المخاتلة للدولة العميقة وأكثر فهما لطرق الإلتفاف عليها من طرف القوى التي “تطعم من جوع وتُؤمّن من خوف”. ومع ذلك فهي تشترك مع الموجة الأولى في معظلة قاسمة للظهر، تشترك معها في الإختناق في مربّع القطرية. مهما كانت مبدئية القائمين عليها فإنّهم سيجدون أنفسهم عاجزين عن مواجهة التحديات وسيلجأون تحت تعلاّت عدة إلى الوقوع في مصيدة صندوق النقد الدولي وأمثاله. سيبحثون عن الحلول المُكلفة والتحالفات المشبوهة.
ليس بمقدور هذه الثورات أن تصمد الا إذا غيّرت استراتيجيتها و اتجهت نحو التعاون فيما بينها لانجاز المشاريع الكبرى في كل المجالات، العلمية والثقافية والإقتصادية. تستطيع بذلك أن توفر لشعوبها حياة أفضل وأن تواجه الفساد المنظم والتهريب الذي يعطّل كل إمكاناتها. الإرتهان في القطرية سيؤدي إلى الإنفراد بها متفرقة والقضاء عليها في مهدها. الغريب أن مواجهتها تتم في إطار استراتيجية جامعة، مُحكمة الترتيب حتى وإن بدت لضعاف العقول لا رابط بينها في حين ما يدّعونه بناء يتم في إطار “استراتيجية” قطرية مُعدّة سلفا بغرض التفكيك و اهدار الجهود في القضايا الهامشية المُتلفة للمشترك.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock