تدوينات تونسية

يتباكى على أطفال فلسطين ويبرّر قتلهم

صالح التيزاوي 

قيل: إنّ صيّادا نصب شركا للعصافير في يوم برد وريح، فكانت إذا وقعت في الشّرك أخذها وذبحها، ودمعه يسيل لشدّة البرد، فقال عصفور: أنظر إلى هذا الصّيّاد، ما أرقّ قلبه، كيف تدمع عيناه، فقال له الآخر: لا تنظر إلى دمع عينيه، بل انظر إلى عمل يديه. مازال كثير من السّاسة في زماننا هذا يتصرّفون مثل هذا الصّيّاد مع البشريّة ومازال بعض البشر يتصرّفون بسذاجة مثل العصافير.

بلينكن
بلينكن

أستحضر هذا المثل، بمناسبة الكلمة التي ألقاها وزير خارجيّة أمريكا في مؤتمر الإستجابة الإنسانيّة الطّارئة لغزة، المنعقد في الأردن، حيث أبدى “تعاطفا مذهلا” مع أطفال فلسطين “المصابين والمنكوبين”، وذكر قصّة الطّفل ذي السّنوات العشر، كان قد فقد والديه، قال الطّفل: “عندما كان أبي وأمّي أحياء كنت أنام، أمّا الآن، أنا لا أنام”. وحتى لا تصبح الشّهادة إدانة للقتلة، استدرك مسؤول الخارجية الأمريكيّة وقال بأنّ القتل كان بسبب “ملاحقة الأشرار”.. وليس بسبب جرائم الإحتلال.

واصل عرضه السّخيف بذكر قصّة الطّفلة “دنيا” التي فقدت والديها وفقدت ساقها ولكنّها قالت “مازالت لي قدم أقف عليها وعندي كثير من الأحلام، أريد تحقيقها، أريد أن أسافر وان أصبح طبيبة”.

جيّد أنّ السّيّد “بلينكن” تذكّر أخيرا أنّ أطفال فلسطين بشر و”ليسوا أرقاما” وأنّهم ليسوا من نسل “حيوانات في هيئة بشر”، ولكن، هل من المقبول أخلاقيّا وإنسانيّا أن يبرّر قتل الأطفال “بسبب ملاحقة الأشرار”؟ ومن المفيد أن يعترف أيضا أنّ هؤلاء المصابين والمنكوبين أصيبوا بأسلحة أمريكيّة ومن المفيد أن يعترف أنّ “الفيتو” الأمريكي هو سبب معاناتهم ومأساتهم، لأنّه عطّل كل محاولة في مجلس الأمن لإيقاف الحرب قبل أن تتكثّف المجازر ويتكثّف القتل ويتكثّف الجوع والعطش والمرض وقبل أن يتكثّف الدّمار.

ومن المفيد قبل هذا وذاك وقبل الشّهادة المزوّرة، أن يستمع إلى نبض شوارع العالم، ومنها شارع بلاده، والتّي تحمّل جميعها بلاده منع أطفال فلسطين من تحقيق أحلامهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock