مقالات

فهم “سيدي تاته” أو في دلالة رد الملالي

أبو يعرب المرزوقي

هل هاجمت إسرائيل قنصلية إيران في سوريا صدفة أو خطأ استراتيجي ناتج عن سوء تقدير لقوة إيران؟ من يظن ذلك ينبغي أن يكون “سيدي تاتة” (الأهبل).

رد الملالي
رد الملالي

وهل ردت إيران هذا الرد بعد التفاوض مع أمريكا على مقداره ومداره صدفة أم ذكاء استراتيجي ناتج حسن تدبير لقوتها؟
وقبل ذلك هل توقفت أمريكا على مواصلة الحوار حول مشروع إيران الذري صدفة أم خطة استراتيجية ناتجة عن تطوير للعبة التخويف المضاعف:

  • تخويف نصف العرب بإيران حتى يحتموا بإسرائيل.
  • وتخويف نصف العرب الثاني بإسرائيل حتى يحتموا بإيران.

ومن ثم ضمان الإحاطة بالصين بعد ضم الهند وروسيا وإفشال مشروع البريكس الذي يهدد بإنهاء سلطان الغرب على العالم إذا تحقق فعلا فأنهى سلطان الدولار والغرب كله ؟

لن أواصل الكلام لأني اعلم أنه سيكون صيحة في واحد. فجل النخب العربية أبهم من حكام العرب. ذلك أن ما كنت أحذر منه أراه يتحقق بالتدريج ليس من اليوم بل منذ أن توقفت مفاوضات الملف النووي.

ففيه نقلة نوعية إلى تمكين إيران مما تطلب لأن ذلك لن يغير شيء بالنسبة إلى إسرائيل إذ هي نووية بصورة لا يضاهيا حتى قوتا أوروبا -فرنسا وبريطانيا- فلا يخيفها “بني بني” (مفرقعات) إيران.

تماما كما سيقع مع روسيا. فهي عملاق نووي لكنها قزم اقتصادي. ومن ثم فكلاهما يطلب ترضيات من الغرب حتى ينضما إليه ومعهما الهند فيتم إفشال البريكس ومحاصرة الصين.

ويبقى العرب والمسلمون ذبيحة يتقاسمها قطبا العالم وربما أوروبا مع العرب والأفارقة كما كانت منذ الحرب العالمية الثانية.

نخبة سيدي تاته: خليها ترقص فرحانة بقوة إيران المزعومة فيرقصون على أنها بردت قلوبهم في إسرائيل متناسين أنها هي التي دفعت إيران إلى ذلك دفعا حتى تخرج من ورطة غزة.

إيران حققت لها سواء ردت أو لم ترد أعني استرداد الردع الذي فقدته: والخطة دفعت إيران للتفاوض مع أمريكا على الرد وحدوده بصورة تعطي الوقت الكافي لإسرائيل فلا تفاجئها: المسيرات تقضي ساعات قبل الوصول.

كل العملية هي الاستفادة من الدم الفلسطيني حتى الثمالة -ستة اشهر- سيزول أثرها المزلزل بهذا الرد الإيراني السوفت فيبقى العم سام الحكم بين العرب المكور بهم بلعبة الشرطيين إيران وإسرائيل. تفوه.

إيران لا تخادع الحمقى من العربان فحسب بل هي تخادع شعبها كذلك. وبذلك فهي تحتمي بالمقامة ولا تحميها. وتحدي إسرائيل في ضرب القنصلية ما كان ليحصل لولا ضوء اخضر من أمريكا وتطفية الضوء (تجاهل) من روسيا.

وكان لا بد من الرد كما بينت في حوار متلفز. وهو لصالح بقاء ناتنياهو ولضرب المقاومة السنية بحيث إن ما سيترتب على هذه الخدعة استرداد إسرائيل دعوى الردع واسترداد إيران دعوى المقاومة ويبتين أن حمق القيادات والنخب العربية.

لما أقرأ تعليقات الحمقى حول قوة إيران يصيبني الذهول: لا يمكن بمثل هذه السذاجة بناء أمة قادرة على التعامل مع الاستراتيجيات المعقدة التي لا تكتفي بارتسامات سيدي تاتة الذي يسيطر على الأنصاف بمعناها التيمي.

فلا فرق بين البني (مفرقعات) الإيراني وصواريخ صدام التي وجهها لإسرائيل في الحرب التي قضت على نظامه. لا احد منهم سأل نفسه: ما مفعول هذا الرد يتجاوز حفظ ماء الوجه لإيران واستعادة إسرائيل ما يزعم من قدرة على الردع؟

فأسعد مخلوق بهذا الرد الذي دفع إليه دفعا ايران هو ناتنياهو: ايران ستمدد في عمره ولا يكلفه ذلك شيء. بت شبه متيقن بأن المعلومات التي ضرب بها القنصلية أتته إما من روسيا وسوريا أو حتى من الحرس الثوري لأنهم لا يختلفون عن الجيوش العربية: تنخرهم الخيانات الداخلية.

اهم مستفيد من هذا الرد المزعوم: 1. ناتنياهو 2. إسرائيل. ومن الخاسر: 3. حماس عسكريا 4. حماس من حيث اهتمام الرأي العام 5. كل الاهتمام صار وكأنه يتكلم على ما هو أهم من حرب الإفناء الحاصل في فلسطين.

ولما أسمع المحللين ممن يزعمون خبراء في التحليل العسكري: كلهم يتكلمون على رد وليس على تفاوض بين أمريكا وإيران بعد تأكدهما بموت الأنظمة، النخب والشعوب العربية بعدما رأوا ردود الفعل حتى في شهر الجهاد (رمضان) وهم يرون إخوتهم يموتون جوعا وإفناء.

ضربة القنصلية الإيرانية منطلقا لهذه الكوميديا الهزلية الضاحكة على ذقون الإقليم كله فإنها ضربة معلم: وهي لإنقاذ الضارب والمضروب. وما كان الأمر يحصل بتلك الصورة هو لصالح الغرب ولصالح روسيا.

وسترون النتائج قريبا وخاصة بعد الانتخابات الأمريكية وكيف ينهار البريكس لما تخرج منه روسيا والهند. وستكون إيران في الحلف الغربي الذي يعدها لنزع أسلحة المسلمين في تركيا وفي باكستان.

أما العرب فلا أحد يحسب لهم حساب: فهم دون ما كانوا عليه قبل الإسلام مجرد غثاء مشكلهم ما بينهم من تنافس في قشور الفضلات في مزابل مستعبديهم كما كان المناذرة الغساسنة.

الله غالب وآك هو.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock