تدوينات عربية

رسالــة إلى رَب العَالَمِينَ… أُحِــبُـــكَ

عبد الإله شفيشو

يا رَب العَالَمِينَ، جرأة مني أن أبعث إليك برسالة هذه لكوني وفي هذا الظرف العصيب حيث توصلت برسائل عدة من جهات وأشخاص منتسبين إليك الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء مناقشة أرائي بل شككوا في حبي لك واتهموني بالإلحاد والردة فكثيرون منهم في هذا الزمن لا يعتقدون أنك تحب وأنا لا يزعجني هذا الأمر وأعرف انه لا يرقى إلى أن يكون مزعجاً لك لأنك تحب وأنا أراك كذلك لدرجة أنك أعطيت الناس حرية الإيمان والكفر بك، فعندما كنت أعد بحثي الجامعي في الثمانينات كان أكثر من تعاملت معهم في الجامعة من الملحدين الذين لا يؤمنون بك فقال لي أحدهم ذات مرة أين الله من كل هذا الشر في العالم؟ قلت له ليس عدلاً أن نحمل الله مسؤولية كوارثنا الكبرى وعدت إلى تلك القصة في 2016 بعد أن قال لي صديق إنه كفر بالله الذي ترك الدولة الإسلامية في العراق و الشام (داعش) تذبح وتحرق بدون أن يتدخل لإيقافها وكأنه يحملك مسؤولية جرائمها وغيرها من المجرمين الكثر في العالم فأنا لا ألوم صديقي بل ألوم “ناطقك الرسمي” الذي فعل كل شر باسمك فكثير من أساءوا وأنت تعلم ذلك ونفّروا الناس من حبك.

يا رَب العَالَمِينَ، بالأمس القريب خرج علي أحدهم يرتدي عباءة نبي ليقول ويدعي القرب إليك فصدقه البعض منهم وزاد في بؤسي لما قال لي هذا الذي يدعي قربا إليك إنني لن أكون أحبك إلا إذا أحببته هو، فذات يوم مددت يدي لإنسانة تكاد تغرق في موج البحر فكفرني لأنني لامست أجنبية فيما هو يغتصب وطني كل صباح ومساء، لقد جاء هذا الرجل بكل ما يجعلني أن لا أحبك وهو يدعي قربا إليك ولولا حبي الصادق اتجاهك لقد كدت أركن إلى ما يعتقده صديقي فهل يمكن أن تأتي منك رسالة تقسم الناس إلى أئمة، حكام، رعية ؟ هل يمكن أن تأتي منك رسالة لتقول إن بعض خلقك هم أحبابك والبعض الآخر هم عوام وأعراب وأنصاف بشر؟ أنت الذي خلقت كل هذا العالم وفطرتنا على حبه فيما يحاول البعض تطويع ذلك بما يتلاءم مع طموحاتهم في الوصول إلى السلطة والثروة وأنا رجل ديمقراطي وأحبك لأنك تركت لي الخيار بين الإيمان والكفر وقد أحببتك بينما يرى الأوتوقراطيون أنك اخترتهم للسلطة واخترتني لخدمتهم وهذه مشكلتي مع هذا البعض من “الناطقين الرسميين” لك فما أبشع بعض “المنتسبين إليك” – يا الله – ما أبشعهم !.

يا رَب العَالَمِينَ، أنا أراك غير ما يراك عليه خطيب الجمعة الذي أنكر عليّ حبي للإنسانية لأني بعثت ببطاقة تهنئة للإنسانة الأجنبية التي أنقذتها من الغرق في عيد ميلاد المسيح على الرغم من أنها قالت لي يوم عيد الفطر ببسمة مشرقة «إيد مبارك» أنا لا أفكر بهذه الطريقة الأوتوقراطية فلقد أحضرت لي تلك الإنسانة مسبحة من السعودية عندما ذهبت العام الماضي إليها في رحلة سياحية فأهدتني إياها يوم عيد الفطر فهل يغضبك أن بعثت لها ببطاقة حب أتمنى لها فيه عاماً مقبلاً سعيداً، قلت أنت لي «إنما المؤمنون إخوة» والإنسانة الأجنبية تحبك وتؤمن بك وتسهر على راحة المرضى في المستشفى وتذهب إلى فلسطين لتحمي بجسدها بيوت الفلسطينيين ضد الجرافات الإسرائيلية وتظاهرت أمس في لندن ضد القوميين البريطانيين الذين قالت عنهم إنهم عنصريون لن يذهبوا مع المسيح إلى الله حينما يعود إلى الأرض لأنهم يكرهون عيال الله، فهل من المروءة ألا أهديها بطاقة حب يوم عيد ميلاد يسوع المسيح فمعذرة -يا الله- أنا لا أستطيع أن أكون بلؤم بعض “المنتسبين إليك”.

يا رَب العَالَمِينَ، قبل أن أنسى كلمتني عنك الرسالات السماوية (التوراة والإنجيل والقرآن) أنك محب وتحب فهل لك ثأرا عند أحد من خلقك حتى تطلق جماعة على نفسها “ثأر الله” ؟، أم أنك تحتاج “جنود الله” الذين يفجرون بيوتك ويقتلون من يحبونك بحجة لينصروك ؟، أنا أغضب من هؤلاء الذين يتصرفون وكأنهم يخافون عليك وعندي كلام كثــــير في نفسي إلـــيك لا أجــــرؤ على قوله هنا سيسيئ “الناطقون الرسميون لك” فهمي ويقيمون علي الحد بعد أن كفروني، سأقول لك ما لم أقله هنا عندما ألقاك ولعل لقاءنا يكون قريباً، ما علينا من كل هذا كله فبالنسبة لي أنا أُحِــبُـــكَ والســــــــــــــلام./.

عبد الإله شفيشو / فاس

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock