قوميون ضد التطبيع: العروبة ماركتهم المسجلة
نور الدين الغيلوفي
بن علي كان يقول: القضيّة الفلسطينيّة قضيّتي الشخصية، وبهذه العبارة كان يتغطّى.. وهو عارٍ تمامَ العُري.
القوميون، في تونس، يسيرون على نهج الذين حكموا، وما من حاكم عربيّ دكتاتور إلّا انتسبوا إليه بالتصريح أو بالإضمار.. وأفضل الحكّام لديهم هو ذاك الذي يشفي غليلهم من الإخوان.
وكلّ الحكام الذين انتسب إليهم هؤلاء القوميّون نصبوا لهم حوانيت لبيع القضية الفلسطينية لا فرق بين ذاك الذي كان سيلقي بالأعداء في البحر وبين الذي كان يقول القضيّة الفلسطينية قضيّتي الشخصية فيجيبه أبو عمّار ياسر عرفات، رحمه الله، بوصفه “زين العرب”.
القوميون هؤلاء يعتبرون العروبة ماركتهم المسجّلة ويرون الأمّة حكرا عليهم والقضيّة الفلسطينيّة خاصّةً بهم.. وكلّ من يخالفهم عميل وخائن ومطبّع.
وبعناوينهم الركيكة ولغوا في أعراض الخلق ولم يتركوا جهة تخالفهم إلّا رجموها بلعناتهم التي ليس لهم غيرها.
انحازوا إلى الذي صرخ “التطبيع خيانة عظمى”.. وما كانت غير صرخة تلفزيونيّة لُقّنها عند الامتحان.. وأهدروا دم خصومهم الذين قالوا إنّهم حالوا دون تجريم التطبيع وألبسوهم ثوب خيانة لا يخلَق.
قيل إنّ وزيرة سيّدهم الأولى ضاحكت مسؤولا من الأعداء فلم يروا في الابتسامة شيئا لافتا بل واصلوا تقافزهم، كما اعتادوا دوما.. يدينون الأحزاب المعارضة التي لم تجرّم التطبيع لمّا كانت تحكم ولم تُصدر بيانا في إدانة الابتسامة لمّا صارت خارج الحكم.
لن يصلح حال البلاد إلّا بإقالة وطنية للوطد الدمويّ وتوابعه من القوميين من الحياة السياسيّة وتمكينهم من تقاعد مريح لقيم الحرية والديمقراطية والعدالة.
لقد أفسدوا السياسة في هذا البلد مرّتين: مرّة حين مارسوها من تحت عباءة بن علي فأطالوا عمر نظامه، ومرّة لمّا لبسوا لبوس الثورة فخرجوا على الناس أنقياء من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمّهاتهم.
وما فعلوا غير اغتيال الديمقراطية والعبث بكلّ القيم الجامعة.