تدوينات تونسية

ما نخشاه فعلا

أحمد الغيلوفي 

عندما تفشل النخب التي حكمت بعد الاستقلال في بناء أية نهضة -بدون أن نُبرّر ذلك بالقوى الإمبريالية والصهيونية، فهذا لا يُعفي من المسؤولية- وتفشل النُّخب القومية -بدون أن نبحث عن تبرير مماثل- ويفشل اليسار، ويفشل الإسلام السياسي، ويفشل الذين انقلبوا على الثورات باسم الإنقاذ، سواء في مصر أو تونس أو السودان، ألا يدفع ذلك الناس إلى اليأس من الجميع والدخول في فوضى عارمة تُهدد حتى الدول الموروثة عن سايكس بيكو؟

هناك من يرى هذا بعيدا، ولكن الانهيار الكبير لا يحدث في يوم واحد: هو تراكم طويل وبطيء من الأخطاء والعوامل: بغداد وروما والأندلس لم تسقط في يوم واحد: أجيال من الفاشلين أدت إلى الانهيار الكبير والأخير.

لكي ننقذ شيئا ما علينا أن نعرف ما حدث. الثورات العربية هي “اهم حدث شهدته المنطقة العربية بعد البِعثة المحمدية” كما عبر عن ذلك احد الأصدقاء (اعتذر نسيت من هو). هنا لا أريد أن أناقش الكائنات التي لها عقول البراغيث، اقصد جماعة “ربيع الخراب” والربيع العبري.

عندما نعرف أن هناك أخطاء قاتلة داخلية: من القوى المحمولة على الثورات ولكنها كانت خرقاء وجاهلة، وتخريب خارجي: من القوى المهيمنة والتي حدثت الثورات ضدها والمتحالفة مع الصهيونية والمستعمر القديم. بالطبع الأمور اكثر تعقيدا: هناك قوى محمولة على الجديد تحوّلت إلى قوة رجعية تعمل بالوكالة مع الصهيونية والكومبرادور عندما تحول الصراع الأيديولوجي هاجسها الأول عوض عملية النهوض.. الطويلة والشاقة.

مالم يراجع الفاعلون انفسهم وأداءهم منذ الثورات حتى الآن يكون التاريخ بلا عبرة وأحداثه بلا معنى. يكون قد ذهب سُدى. الأحداث التاريخية لا تستفيد منها إلا العقول المُستعِدة. العقول التي لا تنشغل بفهم الأحداث والظواهر وتُؤلف بينها لتتجاوز وتجد الحلول للازمات هي مجرد أهواء يعتقد صاحبها أنها أفكار.

اعتقد، إذن، أن الأسئلة هي التالية: ما الذي حدث؟ وكيف وصلنا هنا؟ وما المُتوقّع لو واصلنا في حالة الصراع والانسداد؟ وكيف نتلافاه؟ أو في صيغة السؤال القديم: ماهي شروط النهضة العربية وماهي معوقاتها؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock