صالح التيزاوي
تقول العرب في أمثالها: اختلط الحابل بالنّابل، والحابل، هو المقاتل الذي يمسك بحبال الخيل والجمال، أما النّابل فهو المقاتل الذي يرمي بالنّبال، وعندما تحتدم المعركة وتلتحم الجيوش ويتطاير الغبار، لا يعرف الحابل من النّابل، لا يعرف من يمسك بالخيل ومن يرمي بالسّهام، فصار مثلا يضرب عند اختلاط الأمور، فلا يعرف الإنسان وجهته…
يبدو أنّ المثل ينطبق كثيرا على الواقع في تونس، بعد خطاب قبلّي الشّهير.. الخطاب نقلنا من غموض إلى غموض أكبر وربّما رآه البعض واضحا وضوح الشّمس… لم تعد المسألة مسألة برامج نابعة من الجهات، ولم تعد المسألة مسألة ضغط شعبي على الحكومات لتحقيقها، ولم تعد المسألة مسألة انفتاح على “دستور الجدران” وإنّما أصبح الحديث عن سحب الوكالة.. دون توضيح لطريقة سحبها. هذا الأمر أغرى المتربّصين بالثّورة، ويبدو أنّ العبارة صادفت هوى في نفوسهم المسكونة بالإنقلاب إلى حدّ الهوس، فقال أحدهم وهو محام موقوف عن مزاولة المهنة” مرحبا بكم في اعتصام الرّحيل 2″… سبحان اللّه.. بالإمس القريب قالوا في الرّئيس وفي من انتخبه ما لم يقله مالك في الخمرة.. وبمجرّد الحديث عن سحب الوكالة، أصبحوا أنصارا وحواريين له… يهتفون باسمه وينطقون باسم الشّعب على طريقة رضا لينين في الوصاية.. وهم الذين لم ينتخبو الرّئيس أصلا، ولم يكونوا ديمقراطيين في يوم من الأيّام، والحرّيّة عندهم، مسألة وقت حتّى يتمكّنوا، ثمّ يغلقون قوسها، كما تتطلّع غرفة أبوظبي للثّورة المضادّة، وأكثر من ذلك، فهم يعتبرون الثورة غلطة وجب تصحيحها… فهل هؤلاء أهل لسحب الوكالة ؟
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.