مقالات

الموهبة الخارقة الوحيدة ليوسف الشاهد.. من الرئيس السبسي.. إلى الرئيس سعيّد..!!!

عبد اللّطيف درباله

رغم كل الفشل في إدارة الدولة.. ورغم الكوارث السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي أوقع فيها تونس طيلة ثلاث سنوات ونصف من رئاسته للحكومة فيها..
يجب الإقرار بنجاح منقطع النظير ليوسف الشاهد.. في التكتيك.. وفي “التكمبين” السياسي..!!!

الرجل يملك بالفعل موهبة خارقة.. وغريبة.. في تسلّق “المصاعد السياسيّة”.. !!
وفي القفز البهلواني العاطفي السياسي..!!!
وفي الخبث السياسي..!!
وفي إدارة الاستقطابات.. والمناورات.. والمؤامرات..!!
وفي كسب ودّ العرّابين..!!!

فبعد أن استطاع الشاهد أن يصل إلى الحلقة الضيّقة للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.. بشكل خدمه ليعيّنه السبسي دون أيّ مؤهّلات للمنصب الرفيع الأسمى.. رئيسا للحكومة.. ويفرضه على الجميع.. .استطاع يوسف أن يلعب ببراعة تمثيليّة هائلة دور الابن الروحي.. والتلميذ السياسي.. و”الوزير الأوّل” المطيع والوفيّ للرئيس الباجي.. إلى أن أقام شبكته الخاصّة.. وزرع جذوره في المنظومة السياسيّة التونسيّة بكامل تفرّعاتها.. من الإدارة.. إلى الإعلام.. مرورا بالأمن والقضاء… والدعم الأجنبي..!!
في الأثناء استحوذ الشاهد على قيادات جميع الأحزاب التي دخلت معه في حكومة الإئتلاف.. فانشقّوا جميعهم تباعا عن أحزابهم التي أوصلتهم للحكومة.. والتحقوا بالمشروع السياسي الطموح والحالم للشاهد.. والذي كان جوهره فقط.. شهوة السلطة.. والتمسّك بها.. والاستمرار فيها..!!!

وفي فترة ما تعلّق الشاهد بتلابيب الاتّحاد العام التونسي للشغل.. وتقرّب من قياداته ليحموه من الأحزاب السياسيّة المشكّلة لحكومته نفسها..
فلمّا انتهت حاجته إليهم.. انقلب على الاتحاد.. وحاربهم..
حتّى نادت قياداته بتنحيته..!!

بعدها.. وعندما بانت ملامح انقلابه على وليّ نعمته السبسي وابنه حافظ.. وقرّر الرئيس الراحل الباجي عزل الشاب يوسف.. ارتمى في أحضان النهضة.. بعد أن استقطب الشقّ المؤثّر فيها.. ومنهم أمينها العام زياد العذاري الوزير في حكومته.. ورفيق عبد السلام صهر زعيمها الغنّوشي.. ومن خلالهما وجد يوسف في الشيخ راشد عرّابه الجديد.. وحاميه..!!
ووفّر له رئيس النهضة بالفعل الحماية.. ورفض رغبة الباجي في عزله.. ووصل به الأمر إلى فضّ سياسة التوافق مع السبسي لأجل عيون يوسف..!!

بعد فشل ذريع ليوسف الشاهد في الانتخابات الرئاسيّة بنسبة 7.5% فقط..
وبعد فشل مريع في الانتخابات التشريعيّة لحزبه تحيا تونس بعدد 14 نائبا فقط..
وبعد أن كان على قاب قوسين من الخروج كليّا من الحكم..
استعمل يوسف الشاهد مرّة أخرى موهبته الخارقة.. وتقرّب من الرئيس الجديد قيس سعيّد.. مستغلاّ فترة الفراغ السياسي في أثناء مفاوضات تكوين الحكومة..
وفرض نفسه على سعيّد بما أوحى أنّه أصبح مقرّبا منه..
واستطاع في نفس الوقت.. وفي الأيّام الأخيرة.. أن يفرض نفسه وحزبه من جديد في معادلة تشكيل حكومة النهضة.. مستعينا بحزبي التيّار الديمقراطي وحركة الشعب كأداتين لاكتساب ثقل يتجاوز حجمه البسيط في البرلمان.. البالغ أربعة عشرة مقعدا..

شغّل الشاهد من جديد قدراته التمثيليّة والبهلوانيّة في القفز العاطفي السياسي.. فنسي محمّد عبّو وزهير المغزاوي فجأة كلّ اتّهاماتهما السابقة طيلة الثلاث سنوات الفائتة.. ليوسف الشاهد بالفشل.. وباغراق البلاد.. وبالفساد.. وبتكوين مافيا تسيّر معه الدولة.. وبممارسة الابتزاز.. وبتوظيف واستعمال الأمن والقضاء والإدارة والجباية.. لمحاربة خصومه السياسيّين وتحقيق أهدافه..
وتناسوا فجأة كلّ ما قالوه عنه واتّهموه به.. وجذبوه معهم إلى طاولة المفاوضات.. وفرضوه في المعادلة.. فأصبحوا يتحرّكون ويتفاوضون كثلاثي..!!!

كما ظهر من الوقائع..
على الأقلّ في ما يبدو ظاهرا للعموم..
وفي ما يشيعه ويظهره الشاهد نفسه قصدا..
أنّه حاصل على دعم ومساندة رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد..
حتّى أنّه عندما أعلن التيّار الديمقراطي.. ثمّ حركة الشعب.. ثمّ تحيا تونس.. تباعا زمنيّا.. انسحابهم من المفاوضات يوم الأحد الأخير.. ورفضهم الدخول في حكومة النهضة بقيادة الحبيب الجملي.. تدخّل الرئيس قيس سعيّد شخصيّا لأوّل مرّة مباشرة وبوضوح في مفاوضات تشكيل الحكومة.. ودعا الثلاثي مع رئيس حركة النهضة إلى اجتماع عاجل بقصر قرطاج يوم الاثنين الفائت.. للتوفيق بينهم والدفع لتكوين الحكومة بين الأحزاب الأربعة..!!
فأجلس قيس سعيّد يوسف الشاهد في الطاولة المستديرة الكبيرة على يساره.. وأجلس الغنّوشي على يمينه.. وطرح رعاية التفاهم بينهم..
لولا أنّ شيخ النهضة كان قد استغلّ فرصة الإنسحاب التلقائي للثلاثي.. فأغلق الباب نهائيّا وراءهم وقد ارتاح من “كابوسهم”..!!

فإذا ما كان دخول التيّار وحركة الشعب معه في حكومة النهضة قد أرّق الشيخ.. لظهور.. ووضوح.. استحالة التفاهم بينهم في حكومة واحدة.. واستمرارها لبضع أشهر.. فإنّ الغنّوشي اكتشف حجم مؤامرات ومناورات يوسف الشاهد.. وألاعيبه الخطرة في موضوع تشكيل الحكومة..
ولابدّ أنّ الغنّوشي استرجع شريط مرور قطار الشاهد من حضن السبسي.. الى حضن الطبّوبي.. إلى حضنه شخصيّا.. ثمّ أخيرا إلى حضن قيس سعيّد..
ففكّر أخيرا.. وبعد طول عناد.. أنّ العاقل يجب أن يأخذ العبرة من مصير السبسي مع الشاهد..!!!

ويبدو أنّ التيّار الديمقراطي وحركة الشعب.. ومحمّد عبّو وزهير المغزاوي.. الذين جاؤوا بيوسف الشاهد.. لغاية في نفس يعقوب (!!!).. ظانّين أنّ الشاهد هو الطعم الذي سيصطادون به غرضهم.. سيكتشفون بعد إنقشاع غبار حركة الصيد.. وبعد الاستفاقة من سكرة السلطة ونشوة الانتصار المزعوم.. أنّهم كانوا هم الطعم.. لمن ظنّوه طعما.!!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock