تدوينات تونسية

الانتخابات الرئاسية في الجزائر… هل من أفق إيجابي ؟

إسماعيل بوسروال

1. في الجزائر اجراء الانتخابات الرئاسية مسألة مصيرية

مثّل إجراء الانتخابات الرئاسية في الجزائر حدثا إيجابيا الى أقصى الحدود، من وجهة نظري، لانه اثبت للجميع في الداخل والخارج أن “مؤسسات الدولة” قائمة وقادرة على تجديد نفسها من داخلها عبر آلية الانتخاب لا الانقلاب.
لم تقبل سلطة الأمر الواقع المتمثلة في (المؤسسة العسكرية) الطلبات المشطة للحراك الشعبي الجزائري ولكنها استمعت له بل أصاخت السمع جيدا وأدركت أهدافه النبيلة ولكنها لم توافق على تصوره للمراحل القادمة.
إن المؤسسة العسكرية الجزائرية ليست المؤسسة العسكرية 1992 فالفرق صارخ، لقد أرادت مؤسسة الجيش أن تخضع الانتقال الديمقراطي الجزائري الى (مرحلة انتقالية ضرورية) يتولى خلالها الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون قيادة حوار وطني لتصحيح أوضاع البلاد بإرساء مؤسسات ذات مصداقية تحقق الأهداف الشعبية.

2. القيادة العسكرية في الجزائر وخطتها الواقعية

انتبهت القيادة العسكرية في الجزائر الى مطالبة الحراك الشعبي بـ (حتمية التغيير الجذري) لمنظومة الحكم من خلال شعار (يتنحاو قْاع) أي يرحلون جميعا… لكن امام الجيش الوطني مسؤولية تاريخية في الحفاظ على البلاد ووحدتها الترابية والمجتمعية… كيف (يتنحاو قْاع) ؟ هل بضربة بمكنسة تسقطهم جميعا ؟ كيف تتم هذه الضربة ؟ ومن يقوم بها ؟ والسؤال الأهم هو كيف يتم إحلال “الحكام الجدد” ؟ هل يكون ذلك بآلية الانتخاب ؟ او بالانقلاب ؟ ام بالتصعيد الثوري على الطريقة البلشفية او الجماهيرية ؟
لقد اختارت القيادة العسكرية “عدم المغامرة” بالدخول في مسار غير مأمون العواقب فلم تنصع إلى إبعاد رئيس الحكومة ووزرائه لانهم يؤمّنون السير الطبيعي للمرافق العامة للدولة كما لم تقبل إبعاد رئيس الدولة المؤقت… ولكنها أحدثت (سلطة مستقلة للانتخاب) لضمان النزاهة والشفافية.

3. انتخابات رئاسية بمثابة إعداد لمرحلة انتقالية

اعتقد ان المؤسسة العسكرية جادة في الاستجابة للحراك الشعبي ولكن وفق رؤية عقلانية.
إن الانتخابات الرئاسية في الجزائر هي بمثابة (منح الشرعية لمؤسسة الرئاسة) كي تتولى الاصلاحات الكبرى السياسية والاقتصادية.
وقد بدا الرئيس الجزائري الجديد مستوعبا لمتطلبات المرحلة القادمة من خلال العبارات اللطيفة التي وجهها للحراك الشعبي والدعوات المتفهمة للمطالب وحرصه على حل المشاكل العالقة بواسطة الحوار.
لم يكن ممكنا في الجزائر أن يبدؤوا الإصلاحات من نقطة الصفر كما حدث في تونس… فإذا تم انتخاب مجلس تأسيسي جزائري فإنه سيقضي 50 سنة او 100 سنة ولن يتوصل الى اقرار الفصل 1 و 2 كما هو في الدستور التونسي (1959) او (2014). تفجير الصراعات العنيفة من خلال عناصر الهوية اسلامية / عربية / امازيغية / حداثية / فرنكفونية… الخ الخ.

4. اصلاحات سياسية في متناول الرئيس الجديد

بإمكان الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون البدء بإجراء حوارات تؤدي الى اصلاحات كبرى تغير مجرى حياة الشعب الجزائري
* انتخاب او تكوين لجنة لاجراء تعديلات على الدستور لا تمس عناصر وحدة الشعب الجزائري وهويته الوطنية بل تتطرق الى (توازن السلطات) و (استقلال القضاء) من أجل الجدوى والنجاعة والقطع مع الفساد والمحسوبية.
واذا نجحت الاصلاحات السياسية فان الاصلاحات الاقتصادية مضمونة النتائج وانتقال الجزائر الى قوة اقتصادية يصبح حلما قريب المنال.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
%d