تدوينات تونسية

المرزوقي انسحب، ليبقى..

عبد القادر عبار

على هامش انسحاب الدكتور المرزوقي :
دكتور منصف المرزوقي انسحب، ليبقى..
وطلق شمطاء السياسة، ليختلي بمحراب العلم والفكر

الدكتور منصف المرزوقي
الدكتور منصف المرزوقي

1. كانت أولى معارك الدكتور المرزوقي هي تلك التي أثارها فور استقراره في تونس بعد عودته من مشواره الطويل في فرنسا، بسؤال استفزازي جعله عنوانا لمقاله الأول بجريدة الرأي في بداية الثمانينات: “لماذا نحن متخلفون ؟”.. مقال أثار لغطا وحرك سواكن وأسال الكثير من الحبر الثقافي.

2. هذا العملاق الفكري والثقافي المنحدر من صلب رجل وطني الهوى، يوسفي النزعة، محام ومعارض.. والذي مات بعيدا عن وطنه في غربة المنفى بالمغرب الذي لجأ إليه هاربا من غدر بورقيبة.. هذا العملاق كان ولا يزال قارئا نهما وعقلا مشاغبا في الحق وقلما لا يكل ولا يمل من حرث الكتابة والمبارزات الفكرية.

3. حدثني مرة أخوه من أبيه.. والذي كان زميلا لي في التعليم، ولكنه لا يزال أخا لي في الله وصديقا حميما عزيزا من الزمن الجميل.. عند أولى زيارته له في العاصمة بأنه رأى من أخيه عجبا.. رأى الكتب تملأ زوايا داره.. حتى المرحاض جعل فيه رفا للكتب، يستغل وقت قضاء حاجته في القراءة.

4. الرجل كتب عن مشاهد معاناة “الطبيب والموت” فأبدع، وكتب داعيا إلى رفع اليد وسحب القيود والأغلال عن الوطن في “دع وطني يستيقظ” فأقنع.. وكتب عن طب الطفولة فافلح… ورفع صوته عاليا انتصار للمستضعفين ومؤازرة للمظلومين فحوصر وسجن وتناوشته رماح المنافقين والظلمة.

5. الرجل.. ذاكرة وطن ومنجم نضال.. ومن النجوم التي لا تستطيع الغيوم العابرة أن تحجب بريقها مهما تراكمت وتكاثفت..

وكما لا تستوي نخلة الدقلة… ونخلة الصيص.. كذلك لا يستوي المناضل الحق والمرتزقة.
وشتان بين النخلة الباسقة.. والخشب المسندة !.
الباسقة من النخيل: هي الطويلة العالية والمثقلة بعراجينها المثمرة… والمرزوقي من الباسقات. ولا نزكيه على الله.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock