الإثنين 25 أغسطس 2025
ليلى الهيشري
ليلى الهيشري

إيران والحرب الممكنة

ليلى الهيشري

استكملت إيران أو شارفت على الانتهاء من مشروع الهلال الشيعي في المنطقة العربية عبر وكلائها أو أذرعتها المليشياوية المنتشرة عبر أقطار الدول المجاورة والتي تعد مناطق استراتيجية استطاعت من خلالها فرض وجودها على الخصوم ونزاعها مع الولايات المتحدة الأمريكية حول الاتفاقية النووية والعقوبات المسلطة عليها، واعتمدت إيران على ثلاث محاور أساسية:

  1. يتمثل المحور الأول في حزب الله الذي كان صلب المقاومة اللبنانية قبل فترة تحرير الاراضي اللبنانية من الاجتياح الإسرائيلي وهو ممثل الشيعة في جنوب لبنان وحزب سياسي مؤثر في الساحة اللبنانية، ساهم في إنشاء خارطة طريق سياسية داخلية حصل من خلالها على مواقع حساسة عبر الحقائب الوزارية بعد أن كان الوجود الشيعي يقتصر على رئاسة مجلس النواب اللبناني لعقود منذ اتفاقية الرياض الشهيرة.
  2. واستعادت قوتها بعد فترة من العزلة التامة لتعمدها التصادم مع بعض القوى الكبرى كأحداث الاعتداء على سفارة الولايات المتحدة في 1979 وحادثة الاعتداء على الموكب الدبلوماسي السعودي في 2015.
    وكانت تلك الانطلاقة الجديدة قد بدأت حقيقة بعد سقوط نظام بغداد واحتلال العراق في 2003، عندما أصبح للشيعة قوة كبيرة في إدارة وحكم العراق بدعم من الحكومة الإيرانية، التي لم تفتها الفرصة في خلق مليشيات لحكم المناطق العراقية التي تخضع للسيطرة الشيعية ومحاولة التضييق على السنة لحثهم على الهجرة أو لترك مناطقهم وثرواتهم بالقوة والتهديد والقتل، وكانت منظمة بدر من أهم المليشيات التي اعتمدتها إيران في السيطرة على بعض المواقع العراقية من محافظات وأقاليم حيث ضمت قرابة 100 ألف مقاتل بدعم من الحرس الثوري، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، حققت منظمة بدر انتصارات في مجالس ألمحافظات ولها في بغداد وحدها 700 ألف صوت، وحصلت على 28 مقعدا من مقاعد المجلس المكوّن من مجموع 51 في انتخابات جانفي 2019.
  3. أما الوكيل الأهم والذي يضطلع بدور المواجهة المباشرة مع العدو اللدود للنظام الإيراني وهي المملكة السعودية والمتمثل في الميليشيات الحوثية اليمنية، إذ تم تدعيم هذه الأقلية لوجستيا، ماليا وعسكريا وبشريا، حتى بات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن عاجزا عن كسب الحرب، والذين صمدوا لأربعة سنين بدعم من حزب الله وإيران.
    ومن هذا المنطلق، ورغم الأبواق المؤذنة بالويل والثبور ضد إيران، لن تأتي الحرب المنتظرة عليها ولو حاول المعسكر السعودي أن يخلق الأجواء المناسبة لاندلاعها وذلك لعدة اعتبارات أهمها:
    • إيران لم تكن عدوا للولايات المتحدة في العراق بل كانت حليفا ومنسقا ناجحا ساهمت من خلال نفوذها داخل العراق في تسيير العمل العسكري لدول التحالف التي اجتاحت العراق، وكان له الفضل في الابقاء على استقرار العراق بعد خروج جيوش التحالف رغم استغلالها الفاحش للوضع الاقتصادي والسياسي العراقي في سبيل إنعاش وضعها الاقتصادي المتأزم بفعل العقوبات الدولية.
    • إيران التزمت رغم التحديات الواقعة على عاتقها في المنطقة وتحولت إلى قوة إقليمية وازنة أمام المملكة السعودية، التي خسرت قطر وتركيا وسوريا والعراق واليمن وسط مخاوف من خسارة البحرين ولبنان.
    • إيران دولة مؤسسات وقوة عسكرية ودولة نفطية غنية ومنتجة للأسلحة الفتاكة، مثلها مثل أي قوة أخرى قادرة على تهديد القوى الغربية ومنازعتها على عروشها في الشرق الأوسط والخليج العربي، ولم تتخفف من النزعة الثورية المحافظة على الاستقرار الداخلي وتعبئة الرأي العام ضد إسرائيل العدو الأول، وهو أهم سبب في الإبقاء على العقوبات الاقتصادية لا الاسلحة النووية في حد ذاتها.
    إلا أن الولايات المتحدة الامريكية لن تتراجع عن مخططاتها في سلب الخليجيين نفطا ومالا بتعلة الدفاع عن المنطقة من الخطر الإيراني لذلك تضطر الولايات المتحدة إلى التعبير عن غضبها من إيران وتهديدها بالتدخل العسكري لإرضاء الأمراء والشيوخ وطمأنتهم على عروشهم ومحافظة في نفس الوقت على علاقاتها المستقرة مع إيران القوة الخليجية الحقيقية والحليف الجدي الفاعل إقليميا.

اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

ليلى الهيشري

لعبة العدو الخفي وانتصار الدستور التونسي

ليلى الهيشري تحدثت يوم تشييع المرحوم الباجي قايد السبسي عن لعبة العدو الخفي الذي يرى …

ليلى الهيشري

السياسة الخارجية التركية ودورها في استعادة نفوذها الإقليمي والدولي

ليلى الهيشري الملخّص : تعمل القوة التركية جاهدة على تأكيد دورها الريادي إقليميا ودوليا بتكثيف …

اترك تعليق