حذاء المساعدات البني
حسن الصغير
في أواخر سبعينيات القرن الماضي عندما كنت تلميذا بالمدرسة الابتدائية كانت الاحذية تشكل مشكلة كبيرة لاسرنا فطول الطريق الى المدرسة الذي يمتد لنحو 7 كيلومترات ذهابا ومثلها إيابا ووعورة الطريق الجبلية غير المعبدة تجعل أحذيتنا تتمزق بسرعة شديدة ولا تصمد الا الاحذية المطاطية الطويلة “البوط” او الصندالة التي تسمى عندنا “طرباقة” وهي حذاء مفتوح يكون نعاله من اطارات السيارات.
ولهذه الاسباب ولضيق ذات اليد يحجم اهالينا عن شراء الاحذية العادية لانها غالية ولا تصمد الا اياما معدودات في مناكب الارض وبين الوهاد والاودية والشعاب.
فكنا ننتظر شهر ديسمبر بفارغ الصبر لانه موعد توزيع المساعدات التي تقدمها المنظمات الاغاثية العالمية لعل احدنا يفوز بحذاء بني اللون مصنوع من القماش السميك وذو نعل من المطاط الرخيص ويقفل بخيط طويل من نفس اللون.
كانت كمية الاحذية التي تاتي لمدرستنا قليلة جدا مقارنة بعدد التلاميذ الفقراء والمحتاجين وبما انني كنت من أشد التلاميذ فقرا وأسكن بعيدا جدا عن المدرسة فقد كنت أحصل كل سنة على حذاء المساعدات لكن ما ينغص علي فرحتي بحذائي الجديد هو إدراكي انه لن يصمد طويلا امام وعورة الطريق واللعب بحجارة الطريق المتناثرة.
وفي احدى السنوات اعتقد انها كانت السنة الرابعة ابتدائي عقدت العزم على أن أحمي حذائي وأمد في عمره ما أمكن حتى يعيش معي لنهاية السنة الدراسية.
فكنت البس حذائي عندما اكون مع التلاميذ في النصف الاول من الطريق وحين يتفرق رفاقي واظل وحيدا انزع حذائي المدلل واكمل الطريق حافيا حتى اقترب من المنزل فاعيد لبسه من جديد حتى أريحه ما أمكن.
ورغم تضحيتي الجسيمة ودوسي حافيا على الحصى واشواك الطريق لم انجح في الحفاظ على حذائي الا فترة وجيزة.
فذات يوم عندما كنت اسير في منتصف الطريق محاولا تفادي الحجارة احسست بألم في باطن قدمي جلست ونزعت الحذاء من قدمي ونظرت ويا لهول مارايت لقد انتفخت بقعة صغيرة في باطن القدم بسبب ثقب في نعل الحذاء سببه الحصى المتناثر وحجارة الطريق.
تالمت لالم قدمي ولفقدان حذائي العزيز ونحن ما زلنا في وسط الشتاء رغم تضحيتي وسيري حافيا على حصى الطريق البارد حتى تكاد قدمي تتجمد.
وعندما عدت للبيت وضعت حذائي جانبا على أمل أن يتمكن والدي من اصلاحه فيعيش اياما اخرى معدودة والا فلا مناص من انتظار شهر ديسمبر من العام المقبل!!!