تدوينات تونسية

لا يَفعلُها، إلاّ مَنْ يَجْرَاُ فقَط !!

عبد القادر عبار

إذا كانت كلمة “بُقْعَة” في معاجم اللغة، تعني القِطْعة من اللَّون، أو من الأرض، أو من الضوء، التي تُخالف ما حولها، لِتمَيُّزها، فهذه الحالة العائلية التي سنستعرضها، نعتبرها بقعة من الحبّ، من العطاء، من الرحمة، من التكافل العائلي، تخالف من حولها، بل تسمو على ما حولها.

هي حالة عائلية نادرة بامتياز، تستحقّ التنويه، والتّوسيم، والتكريم.

عائلةٌ قدّمت نموذجًا نادرا في العطاء، والإيثار، ومثالا رائعا في التراحم العائلي… وذلك عندما أصيب أحد أبنائها بالقصور الكلوي.. فبادرت الأمّ بالتبرّع له بإحدى كليتيها.. ونجحت العملية.

وما إن تعافت الأمّ.. وتمتّع الولد الشاب بالهديّة، واستأنف حياته.. حتى أصيبت إحدى بناتها المتزوجات بنفس المرض، فما كان من الأب إلا أن سارع بدوره إلى التبرّع بإحدى كليتيه لابنته.. ونجحت العملية.. وتعافى الأب، وتمتعت البنت بالهديّة وعادت إلى ممارسة حياتها.

أربعة أفراد في هذه العائلة.. الأب والأم والولد والبنت… كل واحد يعيش بكلية واحدة..

هذان الأبوان الفاضلان الكريمان.. قدّمَا ما قدّماه بدافع الحبّ الحقيقي، والرحمة الأبويّة الصادقة والفعلية لأبنائهما… بعيدًا عن كاميرا الإعلام والإشهار، وكذلك بعيدا عن الدعاية السياسية، والصخب الانتخابي.

يكفي أنهما يمثلان بقعة ضوء ساطعة، في ظلام الشُّحّ الاجتماعي، وفي ليل العلاقات العائلية الحالك، ليكونا أهْلًا للتكريم، والتَّوْسيم، والتنويه بمبادرتهما، حتى تنمو القدوات الصالحة في مجتمع، تنوّع فيه العقوق، ولا يرى المرءُ فيه، إلا نفسه، ومصلحته !!

فقولوا للناس حُسنا.. ولا تبخسوا الناس أشياءهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock