التَّوْأَمُ.. حِكايةٌ من زمَن الرَّدَاءَة !!
قال الرّاوي: ستستغربون مما ستسمعون، ولكن لا داعي للاستغراب، فليس من رأى، كمَن سمِع.. دعوني أحك لكم هذه المرة، حكاية صاحب “البادج” وتَوْأَمَهُ، ثم اٍنْهَمَرَ يحكي :
هو معروفٌ بعصبيّته الحزبيّة حتّى النُّخاع، رغم جهله الوطني، وفقره النّضالي، إذ هو لا يحفظ من رَمْزيّات وطنه، إلا ما يدخل بطنه “كسكسي بالمِسلان”، “عصبان”، “بسيسة”، “خبز طابونة” “لاقمي” “دقلة وحليب”.. هذه وطنيته !! وهذه ثقافته ! وذاك همُّه وسَقْفُ اهتماماته، وهو المشهودٌ له بالتّسوّل والتطفّل على كل “زَرْدَة 5 نجوم” التي تقام عادة عند الزيارات الرسمية لأي مسئول للجهة، حيث “العلّوش والوراطة، والقاروص..” مشويّا، ومقليّا، ومطبوخا..” وأنت وجهدك يا علّاف”، ولهذا ما عَظُمَ فيه إلا كَرْشُهُ، التي تدحرجت أمامه في بناء فوضوي مقزّز.
لقد سمح لنفسه بأن يتسلّى، ويسترزق بنَسَبِه الحزبي، فتراه، وقد تقوّس ظهره، ووَهَنَ العظم منه، وتجعّد جلده – بدَلَ أن يمسك سبحة، ويلازم بيته أو المسجد ويستغفر لذنوبه ويذكر ربّه – تراه ينصب كرسيّه على الرصيف أمام داره، بعد العصر (وهو لا يُصَلّيه)، يترصّد فريسةً، ليتسلّى باِهانتها.. صنّارتُهُ الخاصّة: صورةُ “بادج دائري” فيه صورة “للزعيم”، يرشقه على الصدر في الجهة اليسرى، ومن أراد فتنته، صاح في وجهه ثائرا : “تسِبْ في الزّعيم، هَاوْ تَوْ نوَرّيكْ” ويجد الغافل نفسه متورّطا، زورًا وبهتانا، ومن حيث لا يدري، في قضية سياسية حسّاسة، وتتقاذفه المراكز الأمنية في “سين وجيم” وهو ما سبّ وما لعَن، ولا كانت عنده حتى مجرّد النيّة، ولكن جريمته، أنه لم يبدأه بالسلام، أو غفل عن تحيته، لشاغلٍ شغله، أو لم يرُقْ لصاحب “البادج” وهكذا، وبتكرار الحوادث، تحاشى الناسُ المرورَ في تلك الساعة، من ذلك النهج، وقايةً لأنفسهم وخوفاً من التوريط.
ومن غريب الصّدف، أن لهذا “المُتَيّم” تَوْأَمًا حِزبيّا، مُشابِهًا له في الكيْد والفعال، حدّثنا عنه أحد مواطنينا، بعد أن تورّط معه من حيث لا يدري، رغم بُعد دار الأول عن دار الثاني بما يقارب (115 كلم).. قال : كنّا في رحلة، لإحدى مدن الجنوب الغربي الصحراوي،.. وقفنا في السوق على رجل يبيع الدلاّع، لنشري واحدة نُبَرّد بها العطش، فلما فتحناها وجدناها غير ناضحة وباهتة الحُمْرة، فطالبناه بتعويضها، فثار صائحًا في وجوهنا وهو يشير إلى “بادج للزعيم” على صدره ويرفع صوته “هَهْ، تسِبُّوا في الزّعيم !.. هَاوْ تَوْ تشوفوا” ونحن والله ماسبَبْنا ولا خطرت ببالنا سيرة زعيمه، وما قضيّتنا إلا حقّنا في تعويض دلاّعة، وطلب لنا الأمْن، ووجدنا أنفسنا، تتقاذفنا الأقدام بالرّكلات، وتوجعنا الكفوف بالصّفعات، مع سين وجيم في المركز.. وكدنا أن نتورّط، لولا أن الله سلّم.!