تدوينات تونسية

فِقْهُ الدِّلاّع.. وأحوالُ السياسة !!

عبد القادر عبار
قال مُتَصَوِّفَةُ إحدى الغلال الصيفية، وهم يرمزون بالإشارات إلى شيخهم “قُبّتْنَا الخَضْرَاء، سُكّانْهَا عَبِيدْ، تِتْسَكّرْ بالقُدْرَه، وتِتْحَلْ بالحَدِيدْ” (سَمِّهَا ولك 100 تُوكْ تُكْ).
المعروف أن “الدلّاع” يُسحَبُ من السوق، بعد أول ضربة رَعْد على أرضه، إذ يفقد مع الرعد والمطر جابيّته وحلاوته، وحُمْرة حَشْوِهِ، مما يجعل الناس يزهدون فيه.. هكذا علمتهم التجارب، بينما السياسيّون عندنا، لا يعترفون بالانسحاب، مهما قصف رعْد الاحتجاجات، إلا اِذا زلزلت الثورات زلزالها… لأن شعارهم “من القَصْر.. إلى القبْر”.
والدلاّع وحده من بين الغلال، يُباع بالرَّشْم ؟؟ لا يثق فيه الشاري إلا بالرّشم مهما كانت ثقته في الفلاح أو البائع ؟ لأنه غامض، ولكنه غير مخادع، وأصيلٌ يحافظ على لون جلده، من يوم ولادته، إلى لحظة رشمه بالسكين.. وتبْريجه للآكلين، لا يتلوّن تلوّن السياسيين الذين تراهم ملائكة عند الحملات الانتخابية، تعجبك أجسام مشاريعهم، وتسمع لقولهم، ثم سرعان ما يغيّرون جلودهم بعد النجاح والفرز.
مولانا الدلاع.. لونُه لون قِباب الزّوايَا، ذلك الأخضر المحبوب، الذي يلازم قشرته سواء نضج أم لم ينضج، وبالتالي فهو يُرْبِكُ الشاري ولا يَتّضح طعمُ حَشْوه ولُبّه الا بالرشم.. فالرشم أصبح علامة مميزة له.. لا يُرشَم في السوق إلا الدلاع، حيث تسمع “الدلاع بالرشم يا وَكّال”. مما يجعل الشاري مطمئنا، لا يخاف أن تذهب صفقته هباء، مثلما تعوّد أن يخسر ثقته كل مرة في السياسيين، ومثلما تذهب أصوات الناخبين والمال السياسي هدرا عند كل عملية انتخاب.
الدلاع على عكس السياسيين، يحافظ على هيئته، وسمته، ومظهره، ويرفض التلوّن مهما طالت مدة إقامته في السوق، باطنه فقط هو الذي يتغير ويتطوّر، ولكن، إلى الأحسَن والأحْلَى والأطيَب، والأَلذّ، أما السياسيون فيتغيّر باطنهم وظاهرهم إلى الأسْوأِ، تراهم يلبسون لكل خطاب، لونًا، ولكل لقطةٍ، رباط عنق، ولكل مصافحةٍ خاتَمًا، ولكل عِناقٍ، عطرا، ويتغيّرون من الوعد إلى الإخلاف، ومن التّطمين إلى الإزعاج، ومن التبشير بالحريات والديمقراطية، إلى مخالفة الدستور، وانتهاك القوانين.
– فهل يأتي زمان، يخضع فيه الساسة إلى الرّشْم قبل التصويت لهم، حتى لا يُلدَغ الناخبُ مَرّتيْن ؟؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock