بَراَءَةٌ من الحُمْقِ .. و”دَاعِشْ”.. !!
عبد القادر عبار
قلت لصاحبي وأنا أحاوره، بعد أن فوجئتُ بتغيُّرٍ في هيئته، على غير عادته، فقد لفَتَ انتباهي تخفيفٌ طارئ وحَفٌّ هندسيّ بديعٌ في لحيته، التي كانت تحجب كثيرا من وجهه، وذلك لحرصه وعناده على أن تكون “متوحّشة”!.. قلت له : ما وراءَ ما أرى فيك من جديد؟ وأشرتُ إلى وجهه.. فضحك وقال : أدّبَني كتابُ الحَمْقَى والمُغفّلين، ذلك أني مررتُ فيه بحكاية يرويها “الجاحظ” يقول فيها :
“أخبرني يحيى بن جعفر، قال: كان لي جَارٌ من أهل فارس، وكان ذا لِحْية ٍ ما رأيتُ أطول منها قطُّ، وكان طول الليل يبكي، فأنبَهَني ذات ليلة، بكاؤه، وأرّقني نحيبُه، وأنا أسمعه يشهق ويضرب على رأسه، وصدره، وهو يردّد آيةً من كتاب الله تعالى، فلما رأيتُ ما نزل به، قلت لَأَسْمَعَنّ هذه الآية، التي قتلت هذا الرجل، وأذهب نومي بنحيبه وبكائه، فتسمّعتُ عليه، فإذا الآية هي ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ يردّدها ولا يتجاوزها إلى غيرها، فسَقَطَ من عيْني، بعد أن كنت أحسبه فقيهًا، عالمًا، وعلمتُ أن طول اللحية لا خيْرَ فيه، وأن الرجل هو أحمَقُ الفُرْس”.
قلت مُعلّقاً وأنا أمازحُهُ : أو لعلّك خِفْتَ، لو أبقيتها كثّةً، سائبة، مُتَوحّشَة !!.. أن تُنسَبَ بذلك، إلى “الدّوَاعِشْ” ؟.. على كل حالٍ، أهنّئك يا صديقي، بمبادرتك هذه، على سلامتك من التّهْمتيْن.. وبراءتك من الحُمْق، و”داعش”، فكلاهما شَرٌّ.