تدوينات تونسية
كيفَ تَلُومُهُم.. إذا رَتَعَ كبيرُهم ؟
1. رَتَعَتِ الدّابة : رَعَتْ ما شاءت، وأكلت كيف شَاءت
- رتَع القومُ : أقامُوا، وتنعّموا، وأكلوا، وشربوا، وبذخوا.
- رَتَع المسئول في المال العام : تقلَّب فيه، وتصرّف فيه، أخْذاً، ونهبًا، وتبذيرًا، وإفسادًا.
2. قال أجدادنا المجرّبون “البِلْ، على كْبَارْهَا” (الإبل.. تتبع الفحْل)
3. إذا أردت أن تعرف وضع بلد، فانظر إلى تصرّف “الفَحْل” فيه ! فإذا عفّ “العزيز”، عفّ رجاله.. وإذا رتع “العزيز”.. رتعوا، وتمدّدوا، وتوسّعوا في الرتع، مُتأوّلين قوله تعالى {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}.
ألم يقلها سيدنا علي كرم الله وجهه لرئيسه، سيدنا عمر رضي الله عنه الذي تأثّر لأمانة و عفّة موظّفيه الكبار والصغار، عندما أدّوا إليه كنوز كسرى، ولم يفقد منها حتّى خرَزَة، ولا سِوارًا، ولا دينارًا، همس له مستشاره مُعلّقا : مم تعجب يا مولانا ؟، المواطنون أمناء، لأنك أمين.. ولو خُنتَ لخانوا، وقال جملته الشهيرة: “عَفَفْتَ فعَفّوُا، ولوْ رَتَعْتَ لَرَتَعُوا”.
وبذلك وضع أصدق معادلة في الإصلاح السياسي والاجتماعي والتربوي، ومحاربة الفساد، وإجهاض نَسْل المفسدين… اذا عفّ المسئول.. عفّ الموظفون، وإذا رتع.. رتع التابع، والمتبوع، وتابع التابعين… كذلك قالت لنا الكائناتُ، وحدّثنا روحُها المُستَتِر (كما قال الشابي رحمه الله تعالى).