نور الدين الغيلوفي
((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))
لا توجد سلطة تعترف، في أثناء حكمها بأخطائها. لو أنّها اعترفت بها لتركتها.
الحاكم متى كان قاعدا على كرسيّ الحكم عَمِيَ ولم يبصر. فكان هو الوطنيَّ الأعظم واتّهم مخالفيه في وطنيتهم. من ذلك لم ير من عيوب نفسه عيبا.
أمّا المعارضون، في خطاب الحاكم المستوطن، فهم خونة متآمرون وجب تطهيرُ البلاد منهم ليأخذ التاريخ مجراه.
هذا المنطق يستصحب معه قاضيا من ذلك النوع. القاضي في مثل هذا الوضع يكون مجرّد موظّف مأمور بإصدار أحكام في أشخاص لا لجرم ارتكبوه يعاقبهم القانون عليه. بل تنفيذا لأوامر الجهات الموظِّفة الآمرة.
القاضي الذي خاطب نور الدين البحيري بقوله “أنت ظلمتني في 2012 اسكت اسكت ما تتكلمش” ارتكب خطيئة كبرى.
اعترف على نفسه، بلسانه، بأنه كان يستحقّ العزل سنة 2012.
من حسن حظّ البحيري أنّ هذا القاضي انحرف داخل المحكمة فترك مقاضاته بملفّه وحاكمه بعمل لا علاقة له بما عُقدت المحكمة لأجله، فكان أن برّأه من ظلمه إيّاه سنة 2012. وأثبت التهمة على نفسه.
القاضي، بمنطوق لسانه، اتّهم نفسه بنفسه وبرّأ البحيري لمّا عزله في وزارته من ظلمه. الرجل جاء ليثأر من البحيري ولم يأت لمقاضاته في مسألة أخرى.
الشخص الذي لا يحكم لسانه في حرَم المحكمة فيجعل، بخطابه، من الماثل أمامه خصما جاء لينتقم بالمحكمة منه، لا يستحقّ أن يكون قاضيا.
القضاء مطلبه العدل. وهذا الشخص تهديد لكلّ عدل.
كان عليه، مثلا، أن يشتكيَ البحيري في ما ارتكبه في حقّه في 2012 ويقف أمام المحكمة شاكيا لا قاضيا. وهذا كان سيكون من حقّه.
هذا القاضي جرّح نفسه بكلامه وشهد عليها بعدم الكفاءة. والعدل يستوحب التعجيل بمنعه من ممارسة خطّة القضاء حتّى لا يكون منه مزيد من تهديد للعدل ومن تهديم لأسس العمران.
هذا “القاضي” خطر على القضاء.
أظنّ أنّه مجرّد عيّنة للخطّ السائد في قضاء “تصحيح المسار”. الذين عيّنوه يعرفونه ويمسكونه ممّا يعرفونه عنه.. لينجز المهمّة على أتمّ وجه.
“وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.