أبو يعرب المرزوقي
لو كانت أكاذيب إسرائيل التي تستعملها لإقناع الغرب بأنها في خطر وأنها لا تتجاوز الدفاع عن النفس هي الوحيدة الفاعلة في الإقليم لما استطاع ناتنياهو أن يتصرف كأنه إمبراطور العالم كله
فلولا عجز العرب أولا وبقية دول الإقليم ثانيا عن التحرر من خوفهم بعضهم من البعض لما صاروا “رعايا” لمافية إسرائيل والغرب.
فخوف تركيا ليس من إسرائيل والصبر على إذلالها الجميع مرده الخوف من غدر إيران لأنها تعلم -والتاريخ يؤيدها- أنها ستجد فرصة لضربها سعيا لاسترداد سلطانها في الشام والوصول إلى الأبيض المتوسط.
وخوف العرب ليس من إسرائيل ولا من ايران بل خوفهم من بعضهم البعض لأن كلا منهم يعتبر أخاه وجاره اعدى أعدائها ومن ثم فالغدر بينهم يجعلهم ينقسمون إلى توابع بعضهم لإسرائيل وبعضهم لإيران حاميين حمقى القيادات.
ومن ثم فالوضع ليس دالا على قوة إسرائيل ولا حتى على قوة الغرب مجتمعا أو غير مجتمع بل هو نكوص أهل الإقليم إلى ما قبل الإسلام والفتنتين الكبرى (ورمزها إيران) والصغرى (ورمزها إسرائيل) فضلا عن العادات القبلية بينهم.
لكن الأدهى والأمر هو الجواب عن سؤال حذ جوابه بدهي: فما الذي يمكن أن يردع الولايات المتحدة خاصة والغرب عامة؟
فما تحدده أكاذيب إسرائيل لتخويف الغرب منا وضمان حمايتها ليس من أجلها بل من أجل ما يستفيدون من استضعافنا.
فلو جعل العرب خاصة وبقية المسلمين عامة أكاذيب إسرائيل حقيقة لكان ذلك ممكنا.
1. والكذبة الأولى هي أن العرب من حولها يهددونها إذا سمح لهم بالا يبقوا في محميات عزلاء فلا تكون إلا عديمة شروط السيادة أي عاجزين عن الرعاية والحماية الذاتيتين.
فعليهم أن يثبتوا للغرب أنهم قادرون على ما تدعيه إسرائيل بمعنى أنه عليهم أن يحققوا ما تدعيه.
2. والكذبة الثانية تدعي أن العرب من حولها كلهم قابلين للتحالف ضدها لأنهم لا يريدونها بينهم ولا يؤمنون بالديموقراطية ومن ثم فلا بد من الاهتمام بتعيين حكامهم بدلا من شعوبهم.
فيكون التعامل معها هو في تحقيق شروط الديمقراطية أي حل الطوفان بدلا من مساندة إسرائيل وخدلان المقاومة.
3. والكذبة الثالثة وهي مركز علة تفكيك الإقليم الرئيسية أي عداوة إيران لها والتظاهر بالخوف من تسلحها بالنووي ومن ميليشياتها في حين أن سلاح إيران النووي لا يمكن أن يخيفها والغرب يعلم أن إيران تعلم ذلك. وايران لا تعد المليشيات والتسلح النووي لإسرائيل بل لمن تريد أن تثأر منهم مثلها: أي العرب خاصة والسنة عامة. وهي إذن حليفتها في العمق.
يكفي مقارنة ما فعلته إيران في سوريا بما فعلته إسرائيل في غزة.
يكفي فهم نصف العرب لذلك بدلا من توهمهم أن ايران تحميهم من إسرائيل وفهم النصف الثاني ذلك بدل توهمهم أن إسرائيل تحميهم من ايران حتى يصبحوا قادرين على توحيد قواهم ليهزموهما معا.
4. والكذبة الرابعة هي كذبة اللاسامية العربية في حين أن العرب هم بدورهم ساميون والإسلاموفوبيا هي اللاسامية الموجهة لهم لأن ما يخيفهم من الإسلام ليس كل إسلام بل خاصة الإسلام السني لتحالفهم مع مخربيه من غير العرب.
يكفي أن يفهم العرب أن ما يحاربونه من الإسلام هو الإسلام الذي يريد استرداد حرية إرادته أي الجهاد ورجاحة حكمته أي رؤيته للعالم التي ترفض سيطرة خرافة الشعب المختار والأسرة المختارة.
5. والكذبة الخامسة أخيرا هي كل الحجج التي يستعملها أعداء الإسلام اعني تخويف الغرب من الإسلام هو الشكل الجديد للصليبية التي جمعت بين المسيحية والصهيونية كما نرى ذلك في ابرز مثال في فرنسا وفي أميركا وفي كل اليمين الغربي المتطرف.
فينبغي إذن تطبيق الآية 60 من الأنفال حتى يصبح تحقيق أكاذيب إسرائيل لاستحال الغرب كله ضد المسلمين شرطا ضروريا وكافيا لمنع كل مساعدة غربية لإسرائيل لأن مصالح الغرب رهن تحقيق ما هو أكاذيب صهيونية وجعلها حقائق تعزل اسرائيل فتسهل هزيمتها.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.