محمد بن جماعة
الإعلان عن نية السعودية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع المقبلة، أثار الكثير من التعاليق.. وغالبيتها تتكلم عن جهل بالأرقام، وبطريقة شعبوية.. رغم أن هذه الأرقام متوقعة وغير مفاجئة.. وهذا لا ينفي كونها أرقاما هامة..

السعودية أعلنت سنة 2022 ان جملة استثماراتها في امريكا بلغت إلى حدود تلك السنة إجمالي 800 مليار دولار، وفي الصين 100 مليار دولار..
وفي سنة 2023 لوحدها، بلغت الاستثمارات السعودية في الخارج إجمالي 192 مليار دولار..
يعني الموضوع ليس جديدا، والمبلغ ليس مختلفا عن أرقام الماضي (600 على اربع سنوات، يعني 150 مليار سنويا، وهو مبلغ قريب من استثمارات السنوات السابقة) ..
حتى الآن، لم يتم الكشف عن تفاصيل محددة حول القطاعات أو المشاريع التي ستشملها هذه الاستثمارات الجديدة.. مع ذلك، يُتوقع أن تغطي مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك:
- الدفاع: تُعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر مستوردي الأسلحة الأمريكية، ومن المحتمل أن تتضمن الاستثمارات صفقات لشراء أنظمة دفاعية متقدمة.
- الطاقة: قد تشمل الاستثمارات مشاريع في قطاع الطاقة، سواء في النفط والغاز أو في مجالات الطاقة المتجددة.
- التكنولوجيا والبنية التحتية: من الممكن أن تستثمر المملكة في مشاريع تكنولوجية وبنية تحتية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط.
هل هناك مكاسب حقيقية للسعودية؟
هذا بعتمد على كيف تُدار هذه الاستثمارات وما إذا كانت السعودية ستحقق عائدًا ملموسًا من الأموال التي يتم ضخها في الاقتصاد الأمريكي.
من بين الأسئلة المهمة هنا:
1. هل تعود الاستثمارات بعوائد مالية واضحة؟
إذا استثمرت السعودية في مشاريع أمريكية ناجحة تدر أرباحًا عالية (مثل أسهم شركات التكنولوجيا أو الطاقة المتجددة)، فهذا يعود عليها بعوائد مالية مباشرة.
لكن إذا كانت الاستثمارات عبارة عن مشتريات ضخمة (مثل صفقات السلاح)، فإنها قد لا تحقق عوائد مالية مباشرة، بل تُصرف كتكاليف.
2. هل تحصل السعودية على نقل التكنولوجيا؟
إذا تضمنت هذه الاستثمارات شروطًا لنقل المعرفة أو بناء مصانع مشتركة داخل السعودية، فإن هذا قد يكون مكسبًا كبيرًا للمملكة.
من يتابع النقلة التكنولوجية الهائلة في السعودية، في السنوات الأخيرة، يتأكد أن الأمر ليس متعلقا بالدفاع كما كان في الماضي، وإنما مع رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد والانتقال من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة.
رؤية السعودية 2030 تضع أهمية كبيرة على التحول الرقمي وتطوير التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، كأحد محركات النمو المستقبلية. وحاليا، يتم التركيز على بناء قدرات محلية قوية في AI وربطها بالسوق العالمي.
من ناحية ثانية، تهدف السعودية من خلال مشروع مدينة نيوم: إلى أن تكون مركزًا عالميًا للابتكار والذكاء الاصطناعي، حيث تم استثمار مليارات الدولارات في بنيتها التحتية وتطويرها التقني. ونيوم تخطط لتبني تقنيات AI لإدارة المدينة بالكامل، من النقل الذكي إلى الخدمات اللوجستية والطاقة.
من ناحية ثالثة، قامت السعودية باستثمارات كبيرة في شركات تكنولوجية عالمية (مثل استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في SoftBank Vision Fund)، الذي يركز على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.. وبناء شراكات مع شركات عالمية لتوطين المعرفة التكنولوجية.. وأنشأت هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي السعودية (SDAIA) كجزء من استراتيجية المملكة لتطوير بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي، كي تصبح ضمن أفضل 15 دولة في العالم في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
واستثمارات السعودية في الخارج تساهم في تحقيق هذا الهدف.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.