مقالات

توال لمقدمات وليست توقعات

أبو يعرب المرزوقي

مقدمة بسيطة:

إذا لم “ينفع العقار في ما افسده الدهر” فلنلجأ إلى الحل الأخير: في حالة منع من يمكن أن يمثلوا أرادة الشعب من المشاركة في الانتخابات فالتزييف مبيت بسبق الإصرار والترصد وإذن فالحل هو نوع جديد من العزل اقترحه: التصويت السلبي بإرسال سيل من رسائل “آس أم آس” بالبريد الإلكتروني والوات ساب وكل طرق التواصل الاجتماعي للجنة الانتخابات وفيها عزل الناخبين للمنقلب فإذا جمعت المراسلات نسبة تتجاوز الخمسين في المائة ولم ينسحب ثم اعلن نجاحه دون أن توقفه الشوكتان فهو ساقط بمعنيي الكلمة.

الانتخابات
الانتخابات

ولا يمكن أن يحصل ذلك من دون أن تكونا مشاركين معه في الجريمة. والمعلوم أني إلى حد الآن مازلت مؤمنا بأنهم ليسوا مشاركين في الأولى لكن الثانية إن حصلت فإنهما تكونان قد صارتا من جنس ما يسيطر على بلاد العرب من الماء إلى الماء ولم تبقيا في خدمة الشعب والدستور..

الآن الاستدلال على توال لمقدمات ستؤكدها الأحداث

المقدمة الأولى:

لن يحصل المنقلب على اكثر مما حصل عليه في كل محاولاته لبيان شعبيته في عرض مشروعه:

  1. في الاستشارة
  2. في الاستفتاء
  3. في الانتخابات النيابية
  4. في الانتخابات المحلية.

المقدمة الثانية:

  1. موقف الشعب من 1 كان بعد سماع تخريفه الذي لا يتجاوز ثقافة تلميذ ربما نجح بالرشا في الباكالوريا مع ميل إلى قشور النصوص الأدبية التي تعلمها في الثانوي.

  2. موقف الشعب من 2 كان بعد رؤية جهله بمعنى صاحب السلطة الأصلية أساسا لأي دستور وحتى “قص ولصق” لم تفده لأنه نشر مسودة كلها أخطاء ثم راجعها بأبشع من المسودة.

  3. موقف الشعب من 3 كان بعد اطلاعه صفرية منجزات الدولة في ثلثي خماسيته الأولى واستحواذه على آخر ملجأ للمواطن في الثلث الأخير منها أي القضاء والإعلام وهما رمز وحق التنفيس أو التعبير عن الغضب.

  4. موقف الشعب من 4 هو موقت المبادرة بوأد مشروعه في المهد لأنها آخر عظمة حارمة باضها. والمعلوم أن الديك لا يبيض إلا بيضة واحدة وهي حارمة.

بحيث إن هذه المحاولات كلها نسخة من البيضة الحارمة الأخيرة التي هي النظام القاعدي الذي يدخل الشعب في حرب العشائر والقبائل على فتات الجاه حتى يرتع ويبرطع كما فعل القذافي باللجان الشعبية.

تالي هذه المقدمات:

التالي الأول:

  1. قد يحصل على معدل ما حصل عليه في المحاولات الأربع أي أقل من 8 في المائة حتى لو ساندته فرنسا وإيران وإسرائيل وموله أجلاف العرب. فلا يمر إلى الدور الثاني.

  2. لو كان صادقا بالحد الأدنى في العملية لكان عليه أن ينسحب ليكرم لحيته بيده. لكن لو كان صادقا لما ترشح في المرة الأولى كما نصحته ونصحت الحمقى الذين دعوا للتصويت له.

  3. إذن فهو يظن أنه قد اعد العدة للوصول إلى الدور الثاني من الانتخابات ولم يعد يطمع في النجاح من الدور الأول.

  4. لكن ما اعده بصنفيه غير مضمون:

أ. فقد يحصل غيره حتى من الأحمقين اللذين مكنهما من المشاركة بعد أن استبعد باستعمال أجهزة الدولة والقضاء من يمكن أن يسقطه من الدور الأول حتى يساعدوه في الدور الثاني لتوقعه عدم النجاح من الدورة الأولى.

ب. هذه المرة قد تتحرك في ضمير شوكة الدولة بفرعيها بدارا لئلا تضطر لمنع التزييف حتى لا تضطر علاجا لمنع نتائجه وهي وخيمة فتتذكر شرف وظيفتها التي أقسمت عليها:

التالي الثاني:

فالشوكة الأولى هي الأمن الداخلي المباشر: أي القضاء قانونا والداخلية تنفيذا للقانون. وواجبها يفرض عليها أن تحلل الوضعية وتستنتج ما قد ينجر عن خمسية ثانية من جنس الأولى:
فقد تجعل تونس في وضعية أسوأ مما آل إليه حال كل الدول لتي دخلتها جرثومة التفقير النسقي للشعب والاعتماد على ما يشبه الحرب الأهلية من اجل القوت وسد الحاجات شرطي السلم الأهلية.

التالي الثالث:

والشوكة الثانية هي الأمن الخارجي المباشر: أي الدبلوماسية قانونا والدفاع تنفيذا للقانون. وواجبها يفرض عليها أن تحمي الدستور والسيادة:
فحماية الدستور الذي ينظم علاقات مواطنيها بعضهم بالبعض مباشرة والتي يهددها عدم تحقيق دور الشوكة الأولى أي القضاء والأمن حماية السيادة التي تنظم علاقة الدولة الوطنية بغيرها من الدول قريبة كانت أو بعيدة عربية كانت أو فرنسية أو إيرانية أو إسرائيلية وكلها تمثل المعتمد الوحيد للإقدام على التزييف وتوهم الشرعية الآتية منهم بديلا من الشرعية الوحيدة التي هي التعبير الحر والشفاف والصادق عن إرادته.

التالي الرابع:

الحصيلة: المفروض أن ييأس وينسحب وإذا لم يفعل فإنه لم يبق للشعب أن يستعمل سلميا العصيان المدني المطلق لتجنب مجموعة عناصر التالي المترتب على مجموعة عناصر المقدم التي أحصيتها.

والثابت عندي أن التالي حتمي ما يعني أنه لن يكون نقيض المقدم حتى لو أخطأت في اعتباره حقيقيا لأنه بيان عدم تأثيره لا يثبته إلى نقيض التالي ولا يمكن نقضه لأنه من شعب يصبر على مآل ما رأيناه في كل الثورات التي تلت نظام يؤدي إلى ما وصفت في هدا التدليل. وما حدث في أفريقيا وما حدث في البنغال أخيرا كاف وزيادة. فليتعظ المغامرون.

لن يجوع شعب ويسكت: فببطالة تجاوزت العشرين في المائة واضطرار المتقاعدين قسمة أجورهم مع أبنائهم العاطلين للحفاظ على شيء من السلم المدنية لن يدوم لأن المتقاعدين معمرون ولن يطول سد البلاء هذا: كل العاطلين وخاصة العاطلات

التالي الخامس والأخير:

لن يبقى لهم إلا ما وصفه ابن خلدون في كلامه على علل سقوط الدول: ترف الأقلية المستبدة باستعمال شوكة الدولة غير الشرعية لاستعباد الأغلبية التي ستثور حتما.

ما اعرضه هنا ليس توقعات ولا دحازة بل هو قانون ثابت في تاريخ الشعوب والحضارات. فمن لم يتعظ بالتاريخ حمار يحيط نفسه بالحمير فيكون ممثلا لبداية الانهيار.

وما أظن الشوكتين المضاعفين أي القضاء والأمن والدبلوماسية والدفاع يمكن أن يقبلوا بهذا المصير الأليم إذا كانوا حقا يحترمون أنفسهم وواجبهم. ولا احتاج للتذكير بما اقترحته من علاج يكون البلسم الذي يحقق استقرار تونس:

لا بد أولا من المصالحة بين البورقيبية الثعالبية كما ذكرت ذلك وحاولت الإقناع به ولأجله قبلت بالترشح في أول انتخابات بعد الثورة وغادرت لما يئست من ذلك.

ولا بد من اعتبار ذلك بداية تحقيق شروط التداول على الحكم بين المحافظة والحداثة لأن الرجلين يمثلان خلاف لم يكن ذاتيا لهما ولا داخليا لتونس بل أن التدخل المصري مرة أخرى قد خلق عداوة بينهما عندما صار الصراع حزبيا وليس محاولة للتوفيق بين موقفين من معضلة مسار التحديث: فاليوم انعكس الأمر إذا صار الإسلامي اكثر تقدمية من الحداثي لحلف هذا مع الاستبداد والفساد ومعاداة حضارة الشعب.

من يكون برنامجه تحقيق هذه المصالحة هو من يمكن أن ينقذ تونس من هذه النكبة القاتلة إذا تواصلت وإلى الآن لم اسمع في ما اقترحته لكني لست يائسا لأن غباء المنقلب لم يبق لتونس غير هذا الحل: الرجوع للمصالحة التاريخية بين حضارة الشعب وطموحه الديموقراطي الحداثي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock