تدوينات تونسية

من الزاوية البكرية إلى الزاوية الوطدية

عبد القادر الونيسي

العبث الذي يسود المشهد الديني في تونس حتى أصبح مرتعا لكل دعي ليس بجديد بل له جذوره التاريخية.

جامع الزيتونة
جامع الزيتونة

سنة 1625 سيطرت الزاوية البكرية (مازالت موجودة إلى الآن) بقوة الجاه والمال على جامع الزيتونة.
بقيت العائلة تتوارث إمامة الجامع الأعظم لمدة قرنين.
إن كانت السنوات الأولى لأئمة الزاوية يمكن إعتبارها صورة لحال التدين حينها الذي سيطرت عليه الزوايا والطرق الصوفية.
ذكر المؤرخون أنه وصل الأمر لتولى إمامة الجامع الأعظم في زمن الزاوية البكرية من الجهلة والأميين الذين لا يفقهون حتى أبسط المسائل الفقهية.
ورد كذلك أن إمامة الجامع آلت في آخر أيامها إلى أحد المجانين من العائلة وهو الذي أفاض الكأس ليستيقظ أهل الهمم من المشائخ ويتم طرد الزاوية شر طردة.

عاد للجامع بعد ذلك بسنوات إشعاعه ومشائخه كسالم بوحاجب وقبادو وأحمد بن أبي الضياف وبيرم الخامس وهم رواد الفكر الإصلاحي ومحررو أول دستور في البلاد ووثيقة إلغاء الرق قبل كثير من بلدان أوروبا..

تتالى الإصلاح الذي قاده الزواتنة بعد ذلك كأمثال الشيخ عبدالعزيز الثعالبي ومحمود القليبي والطاهر بن عاشور والفاضل إبنه وغيرهم وأفضى إلى ريادة هولاء لفكر الإصلاح الذي قاد حركات التحرر في كثير من بلاد المسلمين.
يبقى كذلك جامع الزيتونة هو المحضن الرئيس الذي خرجت منه الحركة الوطنية والحركة النقابية والحركة الثقافية.

يحفظ لشيوخ الزيتونة أيضا ريادة الصحوة الإسلامية المعاصرة في تونس وعلى رأسهم شيوخنا سيدي محمد صالح النيفر وسيدي عبدالقادر سلامة وسيدي محمد الإخوة مع إسناد معتبر للشيخ عبدالعزيز الزغلامي والشيخ عثمان الحويمدي وآخرون يعلمهم الله.

يبقى في الختام أن إستهداف الشعائر عاد مع بورڨيبة بعد الإستقلال ليتم العبث بالدين وقد حدثني من دخل وزارة الشؤون الدينية بعد الثورة أن عددا من كوادرها كانوا من اليسار الإستئصالي.

الفاصل الصغير الذي تم بعد الثورة سرعان ما تم الإلتفاف عليه مجدداً من الزاوية الوطدية التي أصبحت هي من تقرر في الشأن الديني حتى لم تعد تر في منابر الإعلام إلا من يؤتي به للسخرية من الإسلام والدس في عقيدة المسلمين أو آخرون لتبخيس الدين وتحقيره.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock