الأقلية المتجبرة
عبد القادر الونيسي
ربما في تونس وحدها أقلية قليلة تسوم أغلبية غالبة منذ عشريات متتالية إضطهادا دينيا منظما.
بدأ على يد الزعيم ولم يخفت إلا قليلاً في فاصل الثورة ولعله أحد أسباب إجهاضها.
بدأ بإغلاق جامع الزيتونة عز تونس ومجدها وصيتها في المشارق والمغارب.
جامع الزيتونة منه خرجت الحركة الوطنية والعمالية وهو الذي أعطى للجزائر علماءها وقادة ثورتها عبدالحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي والعربي التبسي وآلاف قادوا إحياء الإسلام الذي حاولت فرنسا وأده.
هو الذي أعطى كذلك لمصر أزهرها وللمغرب الأقصى جامع وجامعة القرويين وأعطى مع القيروان للأندلس فسيح فكرها وعظيم ذكرها.
جامع الزيتونة أعطى للأمة مصابيحها التي أضاءت العالم من إبن خلدون وإبن عرفة إلى الطاهر بن عاشور والخذر حسين.
تونس مدينة لجامع الزيتونة الذي أعطاها أول دستور في عالم العرب وأول وثيقة لتحرير الرق وأول حركة عمالية وتربت الحركة الوطنية في رحابه.
ثم مر الزعيم إلى الأوقاف التي كانت رئة الإسلام فألغاها وفرق أغلاها على المقربين وعتاة المجرمين الذين أعانوه على إبادة اليوسفيين.
لم تشبع غريزة الإنتقام عند الزعيم فحل القضاء الشرعي ثم إنتقل إلى كل أشكال التدين وختمها بمحاولة تعطيل ركن الصيام وهي سابقة في تاريخ المسلمين.
في تونس وحدها يسألونك لتثبيت التهمة: هل تصلي ؟. وكم جلدونا من أجل آثار الصلاة في الجباه والركب.
وقد بلغني أن هذا السؤال الكريه قد عاد بعد خمسة وعشرين وكيف لا يعود والوطد متربع في مفاصل الدولة.
الفتاة التي إختارت أن تلبس الحجاب المعلوم من الدين بالضرورة وإحتفى بها والدها مع أستاذها والذي أقام قائمة سدنة المعبد التي لا تهدأ ليس إلا فاصلاً في تاريخ أسود من الإضطهاد الديني الذي تعرضت له ساكنة هذه البلاد.
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}