عمال المطبخ..
محمد ضيف الله
ترددت في أن أكتب حول المطبخ المركزي العالمي منذ أن استهدف جيش الاحتلال سياراتهم، وما فكرت فيه لا صلة له بمعلومات، فقط ترددت في أن أكتب غير أني خشيت أن ينال ذلك من الدور الإنساني الذي يقوم به، وفي وضع مثل الذي فيه غزة يصبح إطعام الناس عملا إنسانيا يستحق كل التقدير.
استشهد من الفلسطينيين أكثر من 33 ألفا، ولم يتحرك، ولم يتكلم العالم ولا العرب، وكأنه عمل روتيني، واستهدفت في الأثناء منظمات إنسانية في غزة، الأونروا إحداها، ولم نر ردود فعل تذكر. استهدفت المستشفيات ولم يتكلم إلا غوتيريش وحده وكأنه آخر من بقي من العرب، وابتلع الغرب ألسنتهم بعيدا عن إعطاء الدروس في حقوق الإنسان والحرية. فما معنى أن يغضبوا لقتل سبعة من المطبخ المركزي العالمي، كأنه أهم عندهم من الأونروا مثلا؟
نعم عمال المطبخ من جنسيات مختلفة، ليسوا أمريكان، وحينئذ ما معنى كل الغضب الأمريكي، بعيدا عن الأسباب المتعلقة بالانتخابات وحتى بالرأي العام الأمريكي، وبعيدا عن عزلة “إسرائيل” في العالم.
نعم هم يعملون في الإغاثة، ولكن رد الفعل على قصف سياراتهم، لا يتناسب مع دورهم الإغاثي، بمعنى ليس بسبب دورهم الإغاثي، وإنما أبعد من ذلك، أي أن القصف استهدف خطوطا حمراء، ومن هنا كان الغضب الأمريكي.
لا أريد أن أقول إني أشك في أن لهم دورا آخر ميدانيا، مهمة أخرى لا يستطيعون القيام بها بدون القيام بالدور الإغاثي. وهذا أمر عادي. ولكن ما حدث في الأثناء أن دورهم ربما انقلب للكشف عن حقيقة الوضع ميدانيا، بما يشبه انقلاب السحر على الساحر، ومن هنا جاء القرار بقتلهم من عصابات الاحتلال، للدور الذي يقومون به، وهذا غير مسموح به أمريكيا، فهم هناك تحت الحماية التامة، ومن هنا كان الغضب الأمريكي.