عروبة؟..
محمد ضيف الله
عندما دعا الرئيس المرزوقي إلى إطلاق مرسي بعد انقلاب العسكر عليه في مصر، سحبت مصر سفيرها من تونس. الإمارات أيضا سحبت سفيرها من تونس لأن المرزوقي دعا إلى إطلاق سراح مرسي.
اليوم تلك الدعوة التي صدرت من المرزوقي، هي فيما ببدو أكثر ضررا وإيلاما مما يقوم به الكيان الصهيوني في غزة من إبادة. بحيث تبقي مصر والإمارات سفيريهما في تل أبيب. بينما سحبت البرازيل وكولومبيا والشيلي وجنوب إفريقيا وغيرها سفراءها من الكيان الغاصب، احتجاجا على جرائمه في غزة. فبحيث ما معنى العروبة بعد اليوم ؟ وما موجب وجود جامعة عربية؟
لا وزن لمصر.. هي تريد ذلك
مصر التي يسمونها “أم الدنيا” لا تساوي شيئا حاليا، وزنها بقدر تدخلها المباشر لمساندة غزة أو لنقل للوقوف الإنساني لإيقاف مجاعة أو إبادة جماعية، ولو فعلت ما كان أحد حتى من أسيادها الأمريكان أو حلفائها وحماتها الهصاينة، ليقدر على لومها، فغزة على حدودها ومصر لم تستطع أن تحمي غزة من الاحتلال وكان ذلك مطلوبا منها لأنها كانت تديرها حتى 67. ولكنها فضلت أن تبقى بعيدا عن حدودها وعن التحكم في أرضها في رفح وفي سيادتها. أوكي كان ذلك بمقابل يسيل اللعاب. وإذ أن ذلك كذلك، فالمنطق أن لا تطمع مصر في أن يكون لها وزن أو صوت في ما يحدث على الأرض، وحتى الفلسطينيين الذين قد يظهرون من الآن فصاعدا بعض التعاون معها، حتى وإن لم يكونوا من المقاومة أو حتى كانوا مناوئين لها، فهم في أعماقهم لن ينسوا الدور القذر لمصر. بمعنى أن مصر لن تجد لها من بينهم من يقدرها حتى ولو أظهروا ذلك.
وبعد فإن مصر طاحت تماما في أعين الجميع، ولن تستطيع أن ترقّع وضعها فيما يتعلق بغزة، ولن يكون لها أي دور، في أي تفصيل. لقد سقطت في أعين كثيرين حول العالم، فما بالك في أعين من يعانون في غزة.
رُخْص..
اتضح الآن، أن مصر كانت تتفاوض تحت الطاولة فقط من أجل الترفيع في الثمن، أقصد ثمن غزة الذي يعني السكوت عن عدوان العصابات الهصيونية عليها، ويزيدون بالضغط على المقاومة حتى تستسلم. وأما تصريحات وزير خارجيتها بين الفينة والأخرى فإنما هدفها هو المطالبة بالترفيع في الثمن. وحتى مفاوضات إيقاف القتال، فالأكيد أن الدور المصري يتمثل في الضغط على المقاومة حتى تقبل بالشروط الأمريكية-الإسرائيلية. ليس من أجل غزة، وإنما من أجل ثمن أغلى. وها قد أعلن عن قيمته 60 مليار دولار، الأكيد هذا هو الرخص.
لم أتكلم عن الذين فرحوا بثورة 30 يونيو التي جاءت -والقول لهم- لتسحيح ثورة 25 يناير، وكانوا يقولون إنها ستحرر فلسطين، كل فلسطين.
للتذكير، بعد استرجاع صلاح الدين للقدس سنة 1187، تفاوض ملك مصر “الكامل ناصر الدين محمد” مع الصليبيين واتفق معهم سنة 1229 على أن يعطيهم القدس. وأعطاهم القدس. لم أكتب هذه هي مصر.
الستاتيكو العربي..
هو الحالة الراهنة التي عليها الانتظام العربي وقد ولدت منذ أواسط القرن الماضي أي أن ولادتها ترامنت تقريبا أو هيأت لظهور الكيان الصهيوني.
عندما حل ما سمي بالربيع العربي هجم عليه الجراد والقُمّل والضفادع بتمويل خليجي، وتخطيط صهيوني، وتنفيذ عسكري/أمني، وظيفيين من كل حدب وصوب، تحالف تاريخي فيه الإعلام والأحزاب والنقابات والعملاء. حتى أن الناصريين سموه بالربيع العبري، فإذا بغزة تكشف أن الربيع العبري هو الستاتيكو العربي العائد بقوة والذي يؤكد خذلانه وخيانته للقضية المركزية للأمة.
والسؤال: هل كان الربيع العربي سيقف إزاء غزة بمثل الخزي الذي يقوم به الستاتيكو العربي؟ ما هو واضح أن المشاركة الشعبية كانت ميزة الربيع العربي، وكان تحرير فلسطين من الشعارات التي رفعت فيه، وأما الآن فالكيان هو أكبر مستفيد من الجمود الرسمي والشعبي الحالي.