تدوينات تونسية

أهمّ سؤال يجب أن تطرحه وتجيب عليه، في موضوع الانتخابات

عبد اللطيف علوي 

أهمّ سؤال يجب أن تطرحه وتجيب عليه، وأنت تفكّر في موضوع المشاركة في الانتخابات من عدمها، أيّ انتخابات في بلدان العرب، سواء كحزب أو كشخص مادّي (ولن أقول كمواطن لأنّها كلمة يجب أن تحذف تماما من القاموس السّياسيّ العربيّ)، وسواء كنت مترشّحا أو ناخبا… وسواء كنت مواليا أو معارضا.

الديمقراطية المستحيلة
الانتخابات

أهمّ سؤال ليس عمّا إذا كانت تلك الانتخابات ستكون نزيهة أو لا! وإن كان ذلك جوهريّا، لكنّ مجرّد طرحه في ظروف معيّنة كالّتي نعيشها، يجعل المرء ينفجر في هستيريا من الضّحك حتّى يسقط على قفاه ثمّ يَشْرِقُ ويموت!

وليس حول حظوظك في الفوز، وإن كان هذا أيضا سؤالا جوهريّا، ولكنّه مضحك كذلك وسخيف، في مثل هذه الفترات الّتي تموت فيها الفكرة والحجّة وينعدم فيها الحوار والتّواصل وتصبح فيها السّياسة خطيئة وفضيحة وجريمة، وتصبح الأحزاب إمّا أشقفا فارغة أو كيانات ملعونة، مشبوهة ومطاردة، وتصبح مقرّاتها خرائب مهجورة يعشّش فيها البوم وتسكنها الأشباح!

وليس كذلك حول مدى اهتمام النّاس واحتمالات المشاركة الشّعبيّة في هذه الانتخابات، وإن كان هذا أيضا سؤالا جوهريّا، لكنّه في مثل هذه الفترات كذلك يصبح سؤالا غبيّا وأعمى، حين لا نرى الحدّ الأدنى من الواقع، ولا ندرك كفر النّاس جميعا بنا ويأسهم منّا ونقمتهم علينا حكّاما ومحكومين!

أهمّ سؤال في نظري هو: ثمّ ماذا؟!
يعني ماذا بعد الانتخابات؟
فلنفترض مثلا، جدلا أو دجلا، كما تشاء… لنفترص أنّ حظوظك فيها مؤكّدة، ونسب المشاركة ستكون قياسيّة، وأنّها ستكون نزيهة على قوّة جهدها!!

ايه وبعد؟!

فقد كانت انتخابات الجزائر في التّسعينات نزيهة! وانتهت بالانقلاب عليها وإغراق البلاد في حمّام دم لم ينته إلاّ بعودة الاستقرار الكامل لسلطة الجنرالات والطّغمة الفرنسيّة!

وكانت الانتخابات الفلسطينيّة سنة 2006 نزيهة! وانتهت بالانقلاب عليها ثمّ بالقطيعة الكاملة والحصار وصولا إلى ما نشهده اليوم من الإبادة!

وكانت الانتخابات المصريّة بعد الثّورة نزيهة، وانتهت بأبشع مذابح القرن في حقّ المدنيّين، والسّياسيّين على حدّ سواء!

وكذلك كلّ المحطّات الّتي شهدتها الانتخابات التّونسيّة!! كانت نزيهة! وانتهت بما عشناه طيلة عشريّة الانتقال المرّ، من حرب أهليّة صامتة، انتهت بما نحن فيه اليوم!!

يعني من الآخر، إذا كان عقل الدّولة العربيّة، وقواها ومؤسّساتها لا تحمي الشّرعيّة الّتي تتولّد عن الانتخابات عندما يقع استهدافها أو الانقلاب عليها؟ بل هي لا ترى أصلا أنّ الشّرعيّة تنبثق عن الصّناديق، وإنّما هي أمر واقع مفروض بيد الغالب دائما، وإذا كان عقل المجتمع من أحزاب ونقابات وجمعيّات ونخب وإعلام وغير ذلك، يعني باختصار الشّعب كلّه، لا يدافع عن تلك الشّرعيّة حين يقع استهدافها، بل إنّه هو أيضا، في مخياله العميق، لا يرى الشّرعيّة نابعة من الصّناديق وإنّما هي أمر واقع بيد الغالب دائما!!

إذا كان كلّ ذلك كذلك؟
فما هي الفائدة من الانتخابات يا عزيزي!؟
حتّى ولو كانت حرّة بنت حرائر وشفّافة ونزيهة وشريفة بنت الفاضل وعفيفة وبكر وبنت أصل ومفصل وبنت بنوت!!
ما هي الفائدة حتّى لو ربحتها!

مثلك في ذلك كمثل من يذهب لخطبة امرأة، فيوافق أبوها ولكن بشرط:
إنّك لا تعمل معاها دار ولا تجيب منها صغار! ونهار اللّي تضيڨ بيه الدّنيا يرجّعها لحوشه وكأنّه شيء ما صار!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock