تدوينات تونسية

نصيحة لأنصار الديمقراطية

نور الدين الغيلوفي

1. قاطعوا الإعلام الذي كان، ولا يزال، المساند الرسميّ للانقلاب على الديمقراطيّة.
الإعلام، إلّا أقلّه، صناعة نوفمبريّة خالصة. نوع يشبه البشر يأكل الخبز لقاء ما ينشر من بذاءة ورداءة وفساد.
هذا الإعلام ظلّ سندا لبن علي يأكل من فتات موائده لقاء تزيين قبائحه حتّى آخر رمق، ثمّ لمّا هرب بن علي تحوّل من وظيفة الأكل إلى وظيفة النهش.
كان يلعب دور الكلب الأليف المدرَّب على النباح على الجميع خدمة لسيّده ودفاعا عن حوزته. ولمّا هرب سيّده عاد من الكلبية إلى الذئبيّة وصار ينقضّ على الجميع.

2. لقد استفاد الإعلام من الحرية ليغتالها ومن الديمقراطية ليسحقها ومن الاختلاف ليقضيَ عليه.
الإعلام في تونس لعب دورا محوريّا في طعن تطلّعات الناس إلى دولة ديمقراطية سيادتُها بيد شعبها، وذلك بما صنعه من أكاذيب ظلّ يردّدها حتّى صدّقها السخفاء وما أكثر السخف بين الناس.

توفيق بن بريك
توفيق بن بريك

3. اسمعوا اعترافات توفيق بن بريك في شأن الرئيس الدكتور منصف المرزوقي وانظروا تفاخره بأنّه هو الذي صنع له صورة شائهة رافقت مدّة رئاسته. ما اعترف به يصلح عيّنة دالّة على وجهة الإعلام في عشرية الانتقال إلى الديمقراطيّة.
ولتوفيق بن بريك اعتراف آخر بأنّهم (كان يتحدّث بضمير الجمع نحن) يرفضون حركة النهضة ويعملون، وقتها، على إسقاطها ولو جعلت من تونس سويسرا.
توفيق بن بريك يفصح عن لاوعي العصابة التي تحكّمت في دواليب الإثارة وأدوات التأثير طيلة العشرية المنبوذة.. لا يتفوّق على زملائه إلّا في وقاحة يقول بها ما يريد.

4. ما صنعه الإعلاميون من تنكيل بالثورة (ثورة البرويطة) ومن استخفاف بالحرية (تبشمنا بالحرية) ومن استهانة بالديمقراطيةّ وبالتداول السلميّ على السلطة ومن رفض لحقّ الاختلاف، ومن رفض للكتب والمعارف (الكتب آش نعملو بيها؟)، كلّ ذلك الصنيع جريمة لا تسقط بالتقادم. جريمة أُطلقت وجوهٌ وأصوات في ارتكابها ثأرًا من شعب تمرّد على حاكمه حتّى خلعه.

5. لست أميل إلى تصنيف الإعلاميين إيديولوجيا، وإن كنت لا أستبعد البعد الإيديولوجيّ في ضبط إيقاعات المواقف وفي توجيه الخطاب. أنا أرى أنّ ذلك القطاع في تونس قطاع وظيفيّ مهمّته أن يقضيَ على كلّ أمل في التحرّر والتحرير.. لذلك لم تكن له من مهمة سوى قطع الطريق بالتشويه والتلبيس والتدليس والتيئيس.

6. الآن وقد وئدت الثورة وقُتلت الديمقراطيّة في مهدها، وجاع الناس ومرضوا ولم يجدوا الدواء، الآن يسكت الإعلام عن الكلام.. لقد قُطعت تلك الألسن الطويلة وحُظر الكلام، إلّا أن يأتيَ بشخصية من شخصيات العشرية ليسلخها على الركح ليلعب له “طرح” بطولة بعد فوات الأوان كمن يسجّل هدفا في مرمى الخصم بعد صافرة النهاية.

7. هذا الإعلام ملعون في كلّ الأوقات.. يختار في كلّ مرّة، أسوأ المواضع ليُقعيَ فيها يمارس عادة نباح لا يستطيع سواها.
ألم تر كيف أنّ الإعلاميّ الذي كانت مهمته، في الزمن النوفمبري، ترتيب الألبومات وإحصاء الأغاني صار في لحظة الانتقال خبيرا في الاقتصاد السياسيّ والجيو ستراتيجيا.. ثمّ لمّا نُحرت الحريات أخذ بيده سيفّا يطارد به الأشخاص الذين نجح في إسقاطهم.. يدعوهم إليه ليجلدهم بسيف فحولته الزائفة.

8. نصيحتي، دعوه لشأنه الجديد ولا تكونوا جزءا من نشاطه فإنّه إنّما يأخذكم إلى حلقوم إرادته.. لا يعنيه أن يسمع الناس صوتكم.. إنٍما يعنيه أن يكتمه.. وإن كان بين الإعلاميين من يمكن سماعه فإنّه لا يدعوكم إلّا لتشاركوه وقوعه.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock