التّسييس.. ملفات القاضي بشير العكرمي
سلام حمزة
في تحدّ لنظريّة “ما تسيّسهاش أستاذة” !!.. وفي إطار التّعبير عن الرّأي.. بلا مهادنة.. وبكلّ تسييس لما هو أصلا سياسة 🤨.. وبعد أسبوع سال فيه الحبر الكثير حول ملفّات القاضي بشير العكرمي.. وكيما يقول المثل الفرنسي trop d’informations tue l’information .. دعونا نسمّي الأشياء بمسمّياتها..
زبدة القول بكل وضوح وإختصار.. وبمجرّد الإطلاع على أغلب ملفّات القاضي البشير العكرمي.. تكتشف أنّ الشّكايات الّتي يقبع من أجلها في سجن المرناڤيّة منذ سنة كاملة.. حرّرها شخصيّاً أحد أعضاء هيئة الدّفاع في قضيّة إغتيال الشّهيدين في حق حزب الوطد رأساً !!.. ولا جديد أو غرابة في أنّ هذا الحزب في جميع شكاياته إتّهمه بالتّستّر على الإرهاب والتّدليس!!.. علما أنّ جميع أعمال البشير العكرمي راقبها وصادق عليها عدد كبير من قضاة درجات الإستئناف والتّعقيب !!.. والغريب أنّ الوطد لم يتقدّم بشكاية ضدّ كلّ هؤلاء القضاة ولم يتّهمهم بالتستّر على الإرهاب.. ولا التّدليس.. ولا حتى المشاركة في هذه الجرائم المزعومة !!..
لا يخفاكم.. فبروبڤندا الكذب والتّزييف إنطلقت منذ أكثر من عشر سنوات.. تحصّن خلالها البشير العكرمي خطأً بالصّمت.. مما مكّنهم من نشر الأكاذيب والخزعبلات المستساغة بكلّ سهولة ودون أدنى ممانعة.. فإنتشرت سرديّتهم المزيّفة.. ورُسّخت في أذهان التونسيين لتصبح مع الزّمن والتّكرار الممنهج حقيقة لا تقبل الدّحض.. وعندما إستفاق البشير العكرمي -متأخّرا للأسف- وإنتبه للعواقب الخطيرة لكلّ من خيار الكرسي الفارغ وواجب التحفّظ.. وقرّر الخروج للرّأي العام.. تمّ منع الصّحافيين من إستضافته!!.. ولمّا كرّر المحاولة زُجّ به في السّجن ولم يسمحوا “له”.. لا لا.. لم يسمحوا “لكم” بسماعه ولو مرّة واحدة.. لماذا؟.. لأنّهم يعلمون جيّدًا أنّه إذا تكلّم.. سيكتشف الرّأي العام تلفيقهم ومغالطاتهم التي إشتغلوا عليها بإحترافيّة شيطانيّة على مدى سنوات..
لقد إستثمروا سياسيّا في دم الفقيد الشّهيد الأستاذ شكري بالعيد.. فلا شك لدي في أنّ مكينة الإرهاب إغتالته من أجل إجهاض مسار الثّورة المتعثّر الغضّ.. أمّا الإنتهازيون الذي يدّعون أنّهم أصدقاؤه ورفاقه فإغتالوه مرة أخرى حين طمسوا الحقيقة من أجل تحقيق مآرب سياسويّة مقيتة.. وضيق مجال هذا النصّ لا يسمح بتعداد جميع الوصوليين ومصّاصي الدّماء الذين إقتاتوا على دماء الشّهيد الزكيّة في سياقات إنتخابية سنة 2014 وفي سياقات إنقلابية سنة 2021.. إلخ.. ويكفي إستحضار أحدثِ مقولة مأثورة سيحفظها التّاريخ الذي لا يرحم: “النّيابة العموميّة تحرّرت”!!.. لنُعايين بإزدراء تواصل الإستثمار السّياسي المفضوح !!..
وفضلا عن كونهم تسبّبوا في التّنكيل بقاض تمسّك بمبدإ إستقلاليّة القضاء وحياده.. قاض سوّلت له نفسه عدم الإنصياع لرغبتهم الجامحة في تسييس الملف عبر إلصاق التّهمة بعدوّهم الإيديولوجي التّاريخي.. من أجل محقه بلؤمٍ وجبنٍ بعد أن فشلوا في منافسته واستبعاده كغريم سياسيّ بنديّة وجأش.. فإنّهم كانوا ولازالوا معولاً لهدم مسار الإنتقال الدّيمقراطيّ العسير في بلادنا..