تدوينات تونسية

دراكولا.. حجاج الكفار

نصر الدين السويلمي

دراكولا.. عرفت هذه الشخصيّة عبر السينما وكذلك عبر المسرح، لكن قبل ذلك هي رواية للكاتب الإيرلندي برام ستوكر، ألّفها العام 1897 تحت عنوان “الذي لا يموت”،

ثمّ في طبعة أخرى غيّر العنوان إلى “دراكولا”، والغالبيّة يعتقدون أنّ دراكولا شخصيّة خياليّة، خصّبها ذهن الكاتب الإيرلندي، بينما هي شخصيّة واقعيّة لشخص حكم رومانيا العام 1455 واسمه ” فلاد الثالث”، وهو الشخصيّة التي تباينت حولها الآراء بشكل كبير. اعتبره الرّومانيّون بطلًا قوميّا أنقذ أوروبا من الغزو العثماني، بينما نظر إليه البعض على أنّه مجرم قتل أكثر من 100 ألف شخص بأشكال وحشيّة، ويعني دراكولا بالرّومانيّة “ابن الشّيطان”.

دراكولا
دراكولا

أرسل فلاد الثاني حاكم والاكيا ابنه فلاد الثالث رهينة لدى الدولة العثمانيّة كحسن نيّة على ولائه لها، ثمّ لمّا توفي عاد فلاد الثالث “دراكولا” إلى رومانيا، واعتلى عرش والاكيا بمساعدة العثمانيّين، وخلال وجوده لدى العثمانيّين تمكّن الأمير من دراسة علوم المنطق والقرآن والأدب وكذلك التركيّة، كما تدرّب على الفروسيّة وفنون الحرب.

أحداث كثيرة وقعت لــ دراكولا، فقد تمّت الإطاحة به من العرش، وهرب إلى المجر، وصنع تحالفات جديدة وعاد وانقضّ على الحكم. في الأثناء أبان عن شراهة مجنونة للدم والقتل والانتقام والتشفّي، وقتل من العثمانيّين الكثير الكثير ومثّل بهم، وقد اشتهر باستعمال الخازوق، حيث يدخل العصا من جانب تخرج من الجانب الآخر ليعذّب ضحيّته قبل قتلها.

وفي سرد سلسلة جرائمه قالوا أنّه خوزق راهبًا مع حماره، كما خوزق 500 شخص من المنتسبين إلى الأسر العريقة، ويقال أنّه استمتع عندما خوزق 600 تاجر أجنبي، كما رمى 400 طالب في نار كبيرة أشعلها لهذا السبب، وأجبر الأطفال على أكل لحم أمهاتهم اللاتي قتلهنّ، وقطّع أثداء بعض الأمّهات، وخيّط محلها رؤوس أولادهنّ، كما جمع كلّ متسولي البلد وقدّم لهم الأكل، ثمّ قام بإحراقهم وسلخ جلود أرجل الأسرى الأتراك، ثمّ مسحها بالملح، وجعل الأغنام تلحسها، وقتل بين عشرين وثلاثين ألف إنسان، فقط للاستمتاع، كما هاجم مدينة براشوف الرّومانيّة، وأعدم قرابة 30.000 من تجّار المدينة وقادتها خزقًا صبيحة الاحتفال بعيد القديس برثولماوس، في 11 جوان 1459، بعدها خلد إلى الرّاحة وتناول الغداء وسط الجثث المعلّقة على الخوازيق، ثمّ أغار على مدينة سيبيو وأعدم 10.000 من أهلها. لذلك أطلق عليه المؤرّخ دورسون بك المرافق لمحمّد الفاتح اسم “حجّاج الكفار”.

بعد فتح القسطنطينيّة أرسل محمّد الفاتح بعض الرّسل لدراكولا يطلب منه الجزية، لكنّه رفض وحين دخل الرّسل رفضوا نزع عمائمهم تبجيلا له، فقام بتسمير عمائم الرّسل العثمانيّين على رؤوسهم بمسامير حديديّة.

تأكّد محمّد الفاتح أنّه يتحتّم عليه التركيز على هذا السفّاح، وسيّر له كتيبة فشلت في تحقيق أهدافها، وواجه جيش محمّد الفاتح مقاومة شرسة، واعتمد دراكولا على حرب العصابات وعلى ترهيب الجيش من خلال تعليق رؤوس آلاف من الجنود العثمانيّين الذين قتلهم في أعالي الجبال منصوبين على العصي.

وفي 19 ديسمبر من العام 1476، تمكّن الجيش الإنكشاري من هزيمة دراكولا وقتله، ثمّ اصطحبوا رأسه إلى القسطنطينيّة، وبذلك طويت صفحة أحد أكبر السفّاحين في التّاريخ.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock