تدوينات تونسية

فتية غزّة آمنوا بالنصر قبل المعركة

نور الدين الغيلوفي

الذين حدّثونا عن ضرورة الدهشة لكلّ ذي عقل لم نرهم قد اندهشوا، فهل فقدوا عقولهم؟
أليس أنّ الأحداث الكونية الكبرى تحمل العقلاء على التفكير والنظر والتحليل؟
أليس أنّ ما يجري في غزّة يربك العقول ويكسّر الثوابت المعتادة واليقينيات المعادة؟
الحروب أليست مفاتيحَ لأبواب العقل المغلقة؟

فتية غزّة
فتية غزّة

قرية صغرى منبسطة محتلة من زمن بعيد محاصَرة منذ عشرين عاما لا يدخل إليها فوق الأرض شيء إلّا تحت مسح نظر المحتل ومَن وراءه.. عيون السماء والأرض تراقب عليها كلّ شيء.. هذه القرية نفسها يخرج منها فتية آمنوا بالنصر قبل المعركة.. اقتحموا على العدوّ أسواره.. خلّعوا أبوابه.. أسكنوه فزعا أشربهم إياه قبل سبعين عاما..

فتية غزّة

تداعت عليهم القوى العظمى ولم يتراجعوا
خذلهم الإخوة والأهل والأقارب والأباعد ولم يتخلّوا
أمعن العدوّ القويّ المجرم فيهم تخريبا وتقتيلا وأسرا ولم يتخلّفوا…
وقالوا نحن ننتصر، والعدوّ ينقشع من أرضنا.. قولًا واحدًا.
الحرب جاوزت شهرين والنيران تشتعل والعالَم يرقب واجفا الخراب يزداد هولا حول الفتيان.. وبطولاتهم تترى.. يثبّتونها ويراها العالَم في كلّ يوم.. ولا يندهش.

قلبوا معادلة العقل المهيمن رأسا على عقب.. وأضرموا في الرأس عقلا أكثر انفتاحا على الفهم.
كيف؟ ولماذا؟ وما معنى؟ وأين نحن؟ وأين هم؟ وإلى أين تمضي بنا الأرض وبهم؟
أسئلة لا يطرحها سكّان الجحور الدوغمائية العقلانية المظلمة.
ولقد أهلكونا من قبل بفتوحات التنوير.. حتى قالوا بنهاية التاريخ عندهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock