غزّة الشهيدة.. هكذا تُغتال مدن المستقبل
زهير إسماعيل
غزّة الشهيدة.. لا يوجد محور مقاومة، ولا أمّة ولا شوارع ولا قانون في هذا العالم… ولا جدوى من استدعاء كلمات ضجّ المعجم بدوالّها لمّا غدَت بلا مدلولات..
لا يوجد إلاّ غزّة الشهيدة، وليس هناك إلا غزّة وحيدة محاصرة منذ 17 سنة. بادرت الاحتلال بطوفان أقصاها فهزّت كيانه حتى أنكر نفسه وصُعق صانعوه. لذلك هي اليوم تُعاقب بالعذاب والموت من قبل الكيان والعالم الذي تصهين وكل من تخاذل.
وهي منذ 35 يوما تقاتل وحيدة إلاّ من دعم الضفة والداخل. ويكفيها أنّها وسعت نموذجها إليهما وسيكون ثمره في الجولة القادمة التي قد تكون على الكيان القاضية.
تواجه المدينة الشهيدةُ بشعبها ومقاومتها حربين متزامنتين حربَ إبادة بأحدث آلة الطيران والأسلحة المحرمة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية التي تمنع كل محاولة وقف لإطلاق النار وبتواطؤ المنتظم الأممي بمنظماته ومجالسه ومحاكمه وقضاته الدوليين التي لم تقدر على شهادة تامة فكيف بدعوة إيقاف عملية إبادة وتطهير عرقي تنقل على المباشر في الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي؟
غزّة تقاتل وحيدة نظام الكراهية والتوحش الغربي في العالم بقيادة الولايات المتحدة التي تتأنّق في منح المجرم القاتل الوقت وكل أسباب تنفيذ جريمته وغايته منها.
ظلّ الهدف المعلن القضاء على حماس، وهو ليس هدف الكيان وحده. والهدف الفعلي محو مدينة غزة من على الخريطة. ومن بقي على قيد الحياة من أهلها لن يسمح له بالعودة إلى ما بقي من منزله بحجة أنه مهدّم، ولا إلى مساحته بعد أن سوي بالأرض بحجة أنه غير موجود ليتمّ فيما بعد تهجيره خارج فلسطين.
ومع ذلك فإنّ ما حدث يوم 7 أكتوبر… يُطمِع في تواتر الخوارق والمعجزات… فغزة قرّبت منا السماء والغيوب حتى رأيناها رأي العين وقد تحيّزت في شوارعها تشير إلى صبح قريب، وتشد أزرنا وتُلهب يقيننا بأن الكيان سقط ولم يبق منه إلا آلة قتل.
يكمل الكيان دورته فقد نشأ عصابات قتل (الهاغانا، ستيرن، الأراغون) وانتهى آلة قتل، وتلك مؤشرات نهاية.
وبين البداية والنهاية ظلّ على حقيقته عصابة قتل على مدى 75 سنة رغم شهادات الزور التي مُنِحَها من صانعيه بأنه الدولة الوحيدة والديمقراطية الوحيدة والمدنية الوحيدة في ظل استبداد عربي متحجّر.
الاستبداد المتخلّف حقيقة وعصابة الاحتلال حقيقة، لذلك ما يزال الربط بين إسقاط الأول وتحرير فلسطين من الثاني هدف غزة وكل من أحب غزة.