سؤال الحرية في كتابات الشيخ راشد الغنوشي والدكتور منصف المرزوقي (2)

مسألة الحرية في الفكر العربي المعاصر

شاكر الحوكي

تضامنا مع راشد الغنوشي الذي دخل في إضراب جوع بعد 6 أشهر من اعتقاله الظالم، وتضامنا مع الرئيس محمد منصف المرزوقي الذي فرض عليه المنفى منذ أكثر من عام …
نشرع منذ اليوم في نشر مقالنا الذي تم نشره في 2014 ضمن مؤلف جماعي عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حول “مسألة الحرية في الفكر العربي المعاصر“.
المقال يحمل عنوان «سؤال الحرية في كتابات الشيخ والدكتور : راشد الغنوشي والمنصف المرزوقي» وسيقع نشره في شكل فقرات متتابعة ومن دون ذكر المراجع.
وفي ما يلي الفقرة الأولى

••

راشد الغنوشي

وفي ما يلي الفقرة الثانية ودائما في اطار التمهيد

إن تناول مسألة الحرية في هذا الوقت بالذات هو في الحقيقة على غاية من الأهمية؛ فنحن نعيش في لحظة فارقة: هناك زمن عصر النهضة الذي لا يريد أن يفارقنا ومازال يطل علينا بأسئلته الحارقة ؛ (شكيب أرسلان و سؤاله المستمر: لماذا تقدم الغرب و تأخر المسلمون؟ وخير الدين التونسي وسؤاله الثابت: كيف السبيل إلى استلهام التجارب الغربية في الحكم دون التفريط في هويتنا؟) وزمن الحاضر المكبل بأطروحات الماضي الغارق في عولمة الإرهاب والاستهلاك والاستبداد وما انفك يطرح سؤال التقدم، دون أن يتزحزح ، و هناك زمن الثورة الذي أطل بلا استئذان ويريد أن يحتل مكانه بلا منافس صارخا في وجه الجميع: الحرية ! أزمنة ثلاثية الأبعاد تشاء الأقدار أن تكون منطلقا -في ذات المكان- لأكثر من سؤال:

هل حل زمن الحرية؟ بمعنى آخر هل حلت الحرية بوصفها براديغم عصر الثورة ؟ هل يمكن أن تكون الحرية أساسا للتعايش بين العلمانيين والإسلاميين؟ أين يكمن التباين بين الشيخ والدكتور؟ ما هو أفق الحرية المرتقب من خلال تجلياتها الواقعية: الدولة والديمقراطية؟ هل تجربة الحكم والنضال المشترك بين الرجلين كانت من قبيل رغبة كل واحد منهما للاستماع للآخر على أساس الإيمان بالحرية أم مجرد حالة مؤقتة فرضتها الظروف التي مرت بها البلاد بعد الثورة؟ ما هو الدرس الذي يمكن أن نستخلصه من خلال الوقوف على مكانة الحرية في الدستور التونسي الجديد؟ هل وفـّق الدستور في أن يكون أفقا لتجليات الحرية على أساس ما رسمه الرجلان من أفكار؟

كل هذه الأسئلة وغيرها تقودنا إلى طرح الإشكالية التالية: ما هي أسس الحرية وتجلياتها في فكري كل من الشيخ والدكتور نظريا وعمليا؟.

منصف المرزوقي

وهنا يفرض المنهج المقارن نفسه علينا بقوة، ولكن الاكتفاء بمنهجية واحدة لم يعد ممكنا، والحال أن الانفتاح الإبستمولوجي بات الشرط الضروري لضمان صلاحية كل بحث علمي. من هذا المنطلق فإننا لن نتردد في اعتماد المراوحة والمزاوجة بين أكثر من منهجية لاسيما بين المقاربة التحليلية الموضوعاتية التي تحاول ربط الأفكار بواقعها ورصد انعكاساتها على أرض الواقع، والمقاربة النقدية، فضلا عن المنهجية التفهمية الفيبيرية وذلك بحكم الحاجة إلى الفهم والتفسير، من جهة أن ميدان الأفكار أصبح، كما يقول محمد أركون، يقتضي من الباحث استخدام عدّة منهجيات في نفس الوقت وعليه أن يعرف كيف يقيم علاقة التمفصل فيما بينها حتى تكون متلائمة مع مستويات مختلفة من المعنى والدّلالة. وفي جميع الأحوال، ستوجب منا فهم أفكار وأطروحات كل من الدكتور والشيخ أولا بسطها ووضعها في سياقاتها الفكرية الموائمة في الفكر المعاصر، ومن ثم محاولة تفكيك الخطاب الذي تقوم عليه انطلاقا من ثنائية المخفي والمعلن. يتعلق الأمر إذا بفهم الأفكار في علاقة بمقتضيات العصر ورهانات الماضي والمرجعيات الإيديولوجية والفلسفية، وفي ضوء التجربة السياسية الحاصلة أيضا. وعلى هذا الأساس، ارتأينا أن تقوم خطة البحث على قسمين رئيسين: تباين على مستوى الأسس وتباين على مستوى التجليات.

يتبع

Exit mobile version