تدوينات تونسية

أحيانا تكون السلطة غبيّة فتحاكم أمثال عياشي الهمامي..

عبد اللّطيف درباله

فقط من أجل رأي قاله وموقف سياسي عبّر عنه بالكلام وبطريقة سلميّة.. بحيث تكشف بشكل فاضح عن تعسّفها ونزعتها القمعيّة وسيرها نحو الديكتاتوريّة.. وترفع القناع الزائف عن وجهها الحقيقي القبيح..

في يوم الجلسة المقرّرة للتحقيق معه من أجل تهم واهية منسوبة إليه لأغراض سياسيّة سخيفة ودنيئة.. جمع المحامي عياشي الهمامي مئات المحامين حوله ومعه.. وأعلن ما يناهز 200 محامي نيابتهم عنه رسميّا في القضيّة.. وذلك باختلاف ألوانهم السياسيّة المتناقضة.. وقد جاؤوا جميعا لمناصرته برغم خلافاتهم وحتّى صراعاتهم.. ليتّفقوا ويتوافقوا على دعمه والدفاع عنه في وجه منظومة قيس سعيّد وأدواته وأعوانه..
فوحّد بذلك غباء وغطرسة السلطة بين الأضداد.. وكان من بينهم أيضا حتّى بعض أنصار قيس سعيّد نفسه..

عياشي الهمامي
عياشي الهمامي

الأكثر من ذلك أنّ قضاة ساندوا بشجاعة وبوجه مكشوف قولا وفعلا وحضورا الأستاذ العياشي الهمامي في مواجهة محاكمته بطلب من وزيرة العدل نفسها..
وكان الأستاذ العيّاشي هو في نفس الوقت رئيس لجنة الدفاع عن القضاة المعزولين من طرف من نصّب نفسه بنفسه قاضي القضاة اليوم..
فتوحّد بذلك مرّة أخرى المحامون والقضاة معا في وجه الظلم والتعسّف ودولة القمع والديكتاتوريّة الجديدة العائدة بسرعة وبقوّة.. وبغباء أيضا..

بخلاف ذلك حظي الأستاذ العياشي الهمامي بدعم عديد الشخصيّات السياسيّة والعامّة.. والجمعيّات..
وحظي خبر محاكمته من أجل آرائه السياسيّة والقانونيّة بتغطية واسعة من وسائل الإعلام والإعلاميّين.. وطنيّا ودوليّا.. بما سيحرج بلا شكّ نظام قيس سعيّد في تونس وفي العالم..

سواء تتّفق مع الرجل أو تختلف سياسيّا معه.. فإنّك لا تستطيع أن تنسى التاريخ النضالي للعياشي الهمامي.. وخاصّة قدرته على التواصل مع جميع الأطراف السياسية دون أيّ فكر استئصالي أو عدواني.. ودون تمييز أو إقصاء أو كراهيّة.. بحيث تجد صداقاته تمتدّ من اليسار (وهو المحسوب على اليسار) إلى اليمين.. ومن العلمانيّين إلى الإسلاميّين.. دون أن يسقط يوما في المتاجرة السياسيّة أو الانتهازيّة أو في استعمال الأساليب والوسائل الهابطة أو التجريح أو المسّ بالأشخاص.. فكان مثالا للسياسي المحترم والراقي الذي بوصلته تونس ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.. وكان طوال سنوات فوق كلّ الصراعات السياسويّة العبثيّة الضيّقة..
لذلك مثّل صنفا من السياسيّين نادر الوجود وفي طور الانقراض في تونس..!!

عندما كان “العياشي الهمامي” معارضا شجاعا وبارزا ومقلقا لديكتاتوريّة زين العابدين بن عليّ ونظامه القمعي غير الشرعي.. كان مساعد الأستاذ في القانون الدستوري الذي اسمه “قيس سعيّد” يلقي المحاضرات عن دستوريّة نظام بن علي في احتفالات السابع من نوفمبر والتظاهرات البنفسجيّة..
واليوم يزايد البعض على وطنيّة العياشي الهمامي مقابل وطنيّة من يدفع بالوطن إلى المجهول..

البعض يتوهّمون عبثا بأنّهم يصنعون التاريخ.. ويصعدون للعلوّ الشاهق في التاريخ.. وينجزون ما هو غير مسبوق في التاريخ.. وهم لم يقرؤوا التاريخ قراءة صحيحة أصلا.. ولم يتّعظوا منه إطلاقا..

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock