تدوينات تونسية

فسفاط قفصة، جريمتنا الجماعية: في وجوب إقامة خيمة رئاسية في قفصة

كمال الشارني 

فسفاط قفصة رفعت إنتاجها السنوي إلى 3.7 مليون طن من الخام، مقابل 40 مليون طن لفسفاط المغرب التي تنظم هذه الأيام ورشة تفعيل الانتقال التدريجي إلى رقمنة الإنتاج والسلامة في مناجمها ومصانعها.

للعلم، المملكة المغربية كلفت الدكتور التونسي توفيق الجلاصي الذي كان وزيرا في حكومة المهدي جمعة بإطلاق رقمنة خدمات المجمع الشريفي للفسفاط ومعه في الطريق رقمنة جامعة محمد الخامس التي تصنف ضمن أوائل الجامعات في إفريقيا، وهذه المرة، تدعو كفاءة تونسية فذة أخرى في الهندسة للمشاركة في ورشة تنفيذ الرقمنة.

المغرب ضاعفت قيمة صادراتها من مشتقات الفسفاط الذي اشتعلت أسعارها (أنظر الصورة المرافقة، المصدر: https://www.web-agri.fr/marches-agricoles/engrais) في العامين الأخيرين اعتمادا على اتفاق شراكة مع كل من الهند والصين بما جلب لها 9.5 مليار دولار أي خمس مرات حجم القرض الذي نتوسله من صندوق النقد، أما نحن، فقد خربنا شراكتنا مع الهند أحد أكبر المستثمرين في الفسفاط في العالم في مصنع تيفارت الصخيرة منذ أن كانت “الأطراف” تهاجم العمال بالعصي وتنزلهم من حافلات النقل في الصخيرة وكذلك المصنع الكوري في المظيلة وهو قصة أخرى من الفشل، لن أحدثكم عن تهالك المعدات والبنى التحتية للإنتاج، نحن أحرقنا قاطرة بخمسة مليارات دينار وجلسنا نحتفل على رمادها بحجة أن من أحرقها مريض؟ عن مسؤول تقني ضربوه بموس وهشموا سيارته لأنه أراد أثناء فترة غلق الطرقات إنقاذ الآلات من التآكل، الواحد قلبه يوجعه.

فسفاط قفصة والمجمع الكيمياوي في قابس هما جريمتنا الجماعية وساحة الحرب الوطنية التي تقاتل فيها الساسة والسمسارة وتجرأ عليها كل أنواع الزنوس، يقتلون الدجاجة التي تبيض لنا ذهبا، ومع تمسكي بواجب التحفظ عن الأشهر القليلة التي تشرفت فيها بالعمل في ديوان السيد منجي مرزوق، فإني أتذكر بألم أياما طويلة قضيتها بشغف في قراءة دراسات هندسية رائعة أنجزتها كفاءات المؤسسة لتطوير العمل واعتماد أحزمة آلية، شيء تحت الأرض وشيء فوقها وتطوير الوضع البيئي وغيرها من الأحلام التي لم يتركوهم ينجزوا شيئا منها مقابل انتداب أكثر من 25 ألف شخص على حساب المؤسسة، بلا أي شغل، من باب الأمانة أن أنقل إليكم مقولة كان يرددها العزيز منجي مرزوق وزيرا للطاقة: “لن أمضي على أي انتداب دون تبرير الحاجة إليه ودون تناظر قانوني”، كان ثمة مستشارون ومسؤولون لا ينامون الليل وقتها لإيجاد الحلول وأوجدوا الكثير منها، فسقطت الحكومة.

قفصة منكوبة بفسفاطها مثل قابس، وهي مثل كل جهات الغرب التونسي: منكوبة بحكومات مركزية تحتقر الداخل ولا تستثمر فيه شيئا بل تبقيه خزانا للعمال اليدويين، لو طلب مني أي صاحب سلطة استشارة لنصحته بأن “يقيم خيمة” إن لزم الأمر في قفصة، كما في مفاوضات السلام بعد الحروب ولا يغادرها إلا بعد رسم أهداف لرفع الإنتاج إلى 15 مليون طن سنويا في ثلاث سنوات وتحويل أكثر من 80% من الإنتاج محليا وإنقاذ المجمع الكيمياوي في قابس بنقله خارج المدينة وإطلاق مسابقة سنوية بمليون دينار لاختراع طرق جديدة في استعمال المياه ومعالجتها في قفصة وقابس، مليون دينار هي تساوي 1/191 من ميزانية رئاسة الجمهورية.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock