تدوينات تونسية

المفتي …

سامي براهم 

على عكس ما يتصوّر عموم النّاس فإنّ خطّة الإفتاء لا تقتصر على رصد هلال رمضان والعيد وإعلان دخول الأشهر القمريّة ولا كذلك على مجرّد منح شهادات اعتناق الإسلام في حالات الزواج المختلط… بل تتجاوز ذلك إلى كثير من المسائل الحيويّة.

يمثّل المفتي الدّولة التّونسيّة في المحافل العلميّة الدوليّة وتعرض علي مؤسّسة الإفتاء الوطنيّة ملفّات حسّاسة من طرف المجامع الفقهية العالمية والمنظمات الدّوليّة تتعلّق بالمعاملات الماليّة والملفات الطبيّة المستحدثة والكثير من القضايا التّشريعيّة المستجدّة التي تتطلّب اجتهادا نوعيّا يقتضي بدوره إلماما بمصادر التّشريع ومعرفة تفصيليّة بالنّصوص ودقائق المعاني وما خفي منها ومعرفة دقيقة بالواقع… ولأهل الإفتاء في البلد باع وذراع في ذلك على امتداد عقود دولة الاستقلال…

مفتي تونس هشام بن محمود
مفتي تونس هشام بن محمود

نذكر ذلك في سياق تعيين المفتي الجديد وهو رجل فاضل خلوق لطيف المعاملة حسن المعشر صاحب آراء معتدلة، وهو نجل أحد أهمّ أعلام الزيتونة علما ومواقف… لكن في تقديرنا شهادة الإجازة من كليّة الشريعة لا تنهض بالمهامّ الموكولة إلى خطّة الإفتاء والملفّات المطروحة على مكتب فضيلة المفتي إلّا إذا كان المقصود المزيد من تكريس شكلانيّة هذه الخطّة وتهميشها…

تضمّ الجامعة الزيتونية دكاترة فضلاء متخصّصين في شتّى العلوم وفروع المعارف الشرعيّة ولهم مؤلفات وبحوث قيّمة ومشاركات علميّة في مؤتمرات دوليّة ومشهود لهم بالعلم والتخصّص والنّزاهة والأهليّة لخطّة الإفتاء وغيرها… وليس هناك ما يدفع نحو الإعراض عن كلّ هؤلاء وتعيين من هو دونهم علما وتخصّصا تقتضيه خطّة الإفتاء…

ليس في هذه التّدوينة تقليل من فضل الرّجل وغيرته على الدّين ولكن الأمور توزن بميزان القواعد والمقاصد والإنصاف…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock