تدوينات تونسية

عن الاتحاد والحوار…

نور الدين الغيلوفي 

بيان الهيئة الإدارية يحسب للاتحاد.. وبقطع النظر عن موقفنا الناقد لأداء قياداته لا نملك إلّا أن نشيد بموقفه ونشجعه عليه.

الاتحاد شاءت قيادته أم لم تشأ هو حصن الوطن المنيعُ.. ومسؤوليته إزاء الوطن والشعب أكبر من تلك القيادات الموتورة.
صحيح أنّ الاتحاد واقع في قبضة رهط من الاستئصاليين الذين لا اعتبار لديهم إلاّ لأحقادهم اللامبرّرة من وطد وظيفيّ وقوميين تابعين له.
ولكن يبقى للمنظّمة عقل يفهم التوازنات ويعي بالخطر ويحسب الخطوات.. ويقدّر العواقب ولا يخضع للمغامرة.

مع هذا الكلام نحتاج إلى أن نذكّر الاتحاد في شخص أمينه العام السيد نور الدين الطبوبي:

أنتم فعلا أمام امتحان تاريخيّ. ويجب عليكم، أمينا عاما لمنظمة وطنية عريقة عابرة للأحزاب والانتماءات والإيديولوجيات، أن تقفوا مع الشعب وديمقراطيته ومساره الانتقالي.
نعلم أنّكم في مأزق بين فعل (يجب) من جهتين:

  1. (يجب) الانحناء لعاصفة الانقلاب حتى لا يكون مصيركم سيئا مثل كلّ الذين شنّ المنقلب عليهم حربه وسحب عليهم انقلابيته.
  2. (يجب) القبول بأطروحة دعاة الديمقراطية حماية لأنفسكم من المنقلب الذي لن يعفيَكم من حربه وإن أجّلها.

ولا معنى، هنا، لحديثكم عن المقعد الثالث.. لا توجد منطقة وسطى بين الانقلاب والديمقراطيّة.. على أنّه علينا أن نذكّركم بأنّكم سبقتم إلى الانقلاب على قانون المنظّمة الأساسيّ انقلابَ المنقلب على دستور البلاد.
المنقلب لا يقبل بالوسائط والاتحاد منظمة وسيطة لا فرق بينها وبين الأحزاب في عقيدته.. وإذا كان قد تنبّأ بزوال فكرة الأحزاب وقرّر أن يستبِق الحتمية التي يراها بأن تكون الإزالة في تونس على يديه هو، فلن يستثنيَ الاتحاد من عمل الإزالة.. وإلّا خان عقيته.

سيكون الاتحاد، بفعل كل ما صنعه منذ قيام الثورة إلى الآن، أسهل على المنقلب من حركة النهضة وغيرها من الأحزاب. النهضة حزب قويّ متماسك اكتسب مناعته من الحقبتين البورقيبية والنوفمبرية. أمّا الاتحاد فمحكوم بأمزجة منخرطيه وهم شتّى. يكفي أن يصدر المنقلب أوامره إلى حشده فسيجد جيش الناقمين على المنظّمة أكثر مما تتخيّلون…
ستكون حجج المنقلب في مواجهة الاتحاد، متى أراد حلّه، أقوى من حججه في تعقّب الأحزاب.

  • ◊ لا تنسوا أن الاتحاد شارك في جميع حكومات ما بعد الثورة.. وهو جزء رئيس منها.
  • ◊ لا تنسوا أن تمسّك الاتحاد بوزارة الشؤون الاجتماعية، في مختلف الحكومات، إنما كان للتغطية على مشاكله مع صندوق الضمان الاجتماعي وما له من ديون عليه تراكمت منذ زمن بن علي.
  • ◊ لا تنسوا أنّ من كان يحكم تونس، خارج الورق، طيلة العشرية السابقة إنما هو الاتحاد ولا أحد سواه. وهو المسؤول قبل غيره عن الأسباب التي أدّت إلى هذا الانقلاب وهو المسؤول عن الانقلاب ثمرةً عفنةً لمسار التعفين الذي قاده الاتحاد بإيعاز من حركة الشعب والوطد.
  • ◊ لا تنسوا أنّ انقلاب المركزية النقابية على قانون المنظّمة الأساسي لا يزال تحت نظر القضاء، والتمكين للمنقلب سيساعده على إثارة ملفّات النقابيين إما لإزاحتهم من طريقه وإمّا لإدخالهم في بيت طاعته.
  • ◊ لا تنسوا أنّ الحكومة هي التي تستخلص لكم الانخراطات ولو أنّ أيّ حكومة ناكفتكم فقطعت عليكم المدد لتسببت لكم ذلك في أذى كبير.

الاتحاد دعا إلى الحوار وقاده سنة 2013 ونال عليه جائزة نوبل للسلام.

أمّا الآن فلم تُسمع دعوته ويراد له أن يكون فاعلا ثانويا مع هذا المنقلب الذي لا يعني الحوار الذي يدعو إليه في المرسوم عدد 30 سوى تكتيك لاستجلاب الأنصار بعد أن بقي وحيدا وانفضّ من حوله المناصرون ولم يبق بين يديه غير حركة الشعب وحُزَيب التيار الشعبي.. أمّا الوطد فهم أخبث من أن يضعوا بيضهم في سلّة واحدة كما تعوّدوا دوما..

الاتحاد، رغم الوطد والقوميين، لا خيار له إلّا أن يقف في وجه المنقلب مع جملة المقاومين. وليس له إلّا أن ينأى بنفسه عنه نهائيا وأن يتجنب إمساك العصا من الوسط.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock