تدوينات تونسية

القضاء في ربقة الحكم المطلق!

القاضي أحمد الرحموني

كثيرا ما يرد على ألسنة السياسيين أو رجال الأعمال أو أطراف في قضايا رأي عام أو حتى على ألسنة سائر الناس انهم “يثقون في القضاء” أو أن “قضاءنا مستقل”، ويكثر ترديد ذلك عندما يقعون في المآزق أو يأملون الخروج منها.!

وقد جرني إلى التفكير في هذا ما تتداوله مصادر الأخبار بشأن هروب السيد نبيل القروي إلى الجزائر (وما ادري بالضبط لماذا؟) حتى أن السيد عبد اللطيف المكي نصحه بان يضع نفسه على ذمة القضاء.، بل وجه نصيحته إلى العموم قائلا “انصح الجميع بعدم الإختباء وبعدم الفرار إلى الخارج ووضع أنفسهم على ذمة القضاء، من كان بريئا سيثبت ذلك ولو بعد حين.”

وربما سيصدم الناس عندما يقال لهم أن القضاء لا يمكن أن يتجاوز في قوته (أو استقلاله) وضعه الحقيقي. ويكون القضاء (طبقا لما تعرفه جميع الأمم) في أقصى درجات ضعفه عندما تهيمن السياسة (أو القوى السياسية) فلا يبقى هامش يسمح للقضاء (بمحاكمه وقضاته وهياكله وممثليه) بان يوسع من نفوذه في حماية الحقوق والحريات.

ولا ادري كيف يتصور الناس قيام القضاء بدوره كاملا بمعزل عن المقومات الضرورية لممارسة قضاء مستقل.؟!

وحتى لا تغيب عنا أوضاعنا الحالية، هل يمكن أن نصدق (وهذا عن خبرة طويلة) أن خضوع القضاء لأوضاع استثنائية وتعطيل أغلبية سلطات الدولة ومؤسساتها وتركيزها بين يدي شخص واحد سيؤدي إلى المحافظة على ضمانات القضاء العادل والناجز.!؟

فهل يبدو معقولا أن نطالب القضاء -الموضوع في ربقة الحكم المطلق- بان يمارس سلطته القضائية المستقلة وان يسلم الناس له أرواحهم وحرياتهم وأموالهم وهم مطمئنون ؟!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock