الأربعاء 30 أبريل 2025

رئيس “المختصة” سامي اليحياوي : أبرز الجلادين في “انتفاضة المناجم”!

القاضي أحمد الرحموني

منذ 19 أوت الجاري، أبرز الهياكل بوزارة الداخلية، وهي الإدارة العامة للمصالح المختصة، تحظى -ويا للمفارقة!- بتسمية أبرز الجلادين في “انتفاضة المناجم” كمدير عام لها.! وهل يمكن أن يغيب تاريخ الرجل عن ملفات وزارة الداخلية وان يحتاج السيد رضا غرسلاوي المكلف بتسيير وزارة الداخلية (حتى لا يضلل الرئيس!) إلى من يكشف له عن “مآثر” منظوريه.! ؟

سامي اليحياوي
سامي اليحياوي

قد قيل، كما يروج، أن “سامي اليحياوي قد أنصفته الدولة وان عصابة الحكم منذ 2011 عاقبته أشد عقاب وجمدته لأنه ليس من عناصرها الذين اخترقوا بهم وزارة الداخلية!..”

لكن هل تصمد الأكاذيب أمام الحقائق الموثقة؟

فلنبدأ من البداية. نقل أن خريج كلية الحقوق ومحافظ الشرطة العام من الصنف الأول انتدب منذ 30 سنة بالإدارة العامة للأمن الوطني، وقد تدرج في مختلف المسؤوليات ليجد نفسه متقلدا سنة 2006 إدارة إقليم الشرطة بقفصة واستمر بها إلى غاية 2008 بعد مشاركته الفاعلة في قمع انتفاضة الحوض المنجمي، وبنهايتها تمت تسميته -للاستراحة- كملحق أمني بسفارة تونس بمصر.

وحتى قبل الانتفاضة يورد بعض المتتبعين لمسيرته انه “من أكثر الوجوه التي لعبت دورا في قمع الحركات الإحتجاجية بالجهة خصوصا ضد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل.
في سبتمبر 2007 نظمت لجنة المعطلين بقفصة تحركا اشرف حضوريا على قمعه. واعتدى بشخصه على عفاف بالناصر وزكية عمروسية وغيرهما.”
“وفي 2008 وتحديدا بعد المحاكمات هو من نظم الإعتداء الشهير على عمار عمروسية في محطة لواجات “قفصة” (وائل نوار).
ويستحضر بعض ضحايا القمع يومذاك أن سامي اليحياوي قد “مارس العنف ضد النساء والرجال كما لم يحدث من قبل واردفه في الانتفاضة بإدارة جميع أطوار التذليل بفعاليات الانتفاضة ورموزها.

كثيرات وكثيرون في الأوساط السياسية والحقوقية والثقافية خبروا بطشه، وحتى القضايا المرفوعة ضده منذ تلك الأيام بقيت دون متابعة…” (عمار عمروسية).
ويحتج العديد من أبناء الحوض المنجمي بتلك الوقائع وغيرها وبمعاناة “قافلة” من الضحايا والمتضررين: ليلى خالد زوجة بشير العبيدي وزكية الضيفاوي والمرحومة جمعة الحاجي زوجة عدنان الحاجي إضافة إلى” أولاد القضية” كغانم الشرايطي وهارون لحليمي وحفناوي بن عثمان والطيب بن عثمان وعبيد الخليفي وعادل الجيارة…

ونقرأ في صحافة ما قبل الثورة أن الرجل قد “لعب أدوارا بالغة الخطورة في قمع الحركة الاحتجاجية في الحوض المنجمي وفي إشاعة أجواء من القمع الأعمى في كل الجهة. وارتبط اسمه بكل الجرائم التي حصلت في المنطقة إبان المنعرج الأمني الأول يومي 7 و8 أفريل 2008 أو عند اغتيال هشام جدو أو عند المنعرج الأمني الثاني يوم 6 جوان 2008 وما لحقه من مداهمات واعتقالات وتعذيب وحشي وصولا إلى محاصرة المدن المنجمية وخنقها وملاحقة النشطاء السياسيين والحقوقيين بمدينة قفصة والاعتداء عليهم وترهيبهم” (صحيفة البديل – 15 سبتمبر 2009)..

وتنقل ابنة عدنان الحاجي في هذا السياق أن سامي اليحياوي هو من “كان يدير قمع انتفاضة الحوض المنجمي في 2008 وهو الذي كلّف بمحاصرة منزلنا يوم 21 جوان 2008 واقتحامه عند منتصف الليل مع جيش من البوليس وخلع المنزل وبعثرة محتوياته وإيقاف عدنان الحاجي وهو اليوم مطلوب للمحاكمة في دوائر العدالة الانتقالية” (عبير عدنان الحاجي).

لكن مع ذلك لم يثبت دون شك أن سامي اليحياوي قد خضع -لقاء تلك الممارسات الممتدة من 2006 إلى 2008- لأية محاسبة جزائية أو تأديبية بل يتضح أن تلك الأفعال المنسوبة له لم يكن لها أي تأثير (سلبي!) على مسيرته المهنية!.

ورغم أن الانتهاكات الجسيمة المنسوبة له في لائحة الاتهام عدد 13 الخاصة بملف أحداث الحوض المنجمي بقفصة والصادرة عن هيئة الحقيقة والكرامة بتاريخ 29 ماي 2018 تكتسي خطورة بالغة، يبدو أن سامي اليحياوي قد كان ولا يزال يتمتع بحماية خاصة أهلته إلى ارفع المناصب.!

واستنادا إلى نص اللائحة المنشورة من قبل هيئة الحقيقة والكرامة والمحالة على الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بقفصة (التي من المفروض أن يحاكم أمامها المطلوب)، فإن سامي اليحياوي متهم طبق الحيثيات المضمنة بلائحة الاتهام بجريمة التعذيب موضوع الفصل 101 مكرر من المجلة الجزائية وانه رغم قيام ما يكفي من الحجج والقرائن لاتهامه بذلك فإنه لم يحضر وتعذر استدعاؤه، كما امتنعت وزارة الداخلية عن موافاة هيئة الحقيقة والكرامة بعنوانه الشخصي رغم مراسلتها بخصوص ذلك.

ويتضح من مضمون السماعات التي أجرتها الهيئة أن شهادات متضافرة لعدد من الضحايا (محمد بن عامر بن سليمان، غانم بن بوجمعة الشرايطي، رضا بن صالح عزديني، مظفر العبيدي، محمد بن سليمان) قد أكدت صدور أفعال بشعة من أساليب التعذيب بحق الضحايا سواء من قبل سامي اليحياوي شخصيا أو بحضوره. وتورد اللائحة تفاصيل مقززة عن بعض ممارسات التعذيب التي كانت تقع مباشرة من الفاعلين أو تحت إشرافهم (تعليق، تعرية، إغراق، إضاءة شديدة، تعذيب جنسي)، فضلا عن تزوير اعترافات الضحايا بمحاضر البحث.

فهل يمكن أن نجد لهذه الأعمال تبريرا؟ وان يتمكن هؤلاء، لا فقط من الإفلات من العقاب بل نراهم يؤتمنون على مصائرنا وامننا “الجمهوري”؟!


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

أحمد الرحموني

لا أحد تحت القانون!

القاضي أحمد الرحموني لا أدري إن كنا نستطيع أن نزعم خصوصا في هذه الظروف أن الناس سواسية …

أحمد الرحموني

حوار بلا وسائط!

القاضي أحمد الرحموني أصبح من الثابت أن الحوار الذي يزمع قيس سعيد تنفيذه بعد تنظيمه بأمر رئاسي …

اترك تعليق