إسماعيل بوسروال
1. خطاب المعايدة… نبرة سياسية
استمعت الى خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد لتهنئة التونسيين بعيد الفطر المبارك واستغربت تداخل الموضوعات والرسائل -رغم ان المقام غير مناسب- ولكن سأكتفي بملاحظة واحدة وحيدة وهي قوله (لتونس رئيس واحد في الداخل والخارج) وهي رسالة تكشف هشاشة الجهاز الاداري والسياسي المحيط برئيس الجمهورية فضلا عن افتقار الرئيس نفسه الى رؤية شاملة للوضع السياسي الذي يوجد فيه.
2. الرئيس رئيس… ولكنه ليس فرعون مصر
لرئيس الجمهورية التونسية صلاحيات هامة أوكلها له الدستور… وهي صلاحيات توافقية لم تكن واردة في النسخة الأولى للدستور والتي جعلت من رئيس الجمهورية مجرد منصب شرفي… ولعل الباجي قائد السبسي والفريق الذي يعمل معه هم الذين دفعوا الى انتزاع صلاحيات “مهمة” للرئيس لأنه كان يخطط للترشح الى منصب الرئاسة.
أبقى الدستور اهم الصلاحيات للمؤسسة التشريعية وجعل من رئيس الحكومة اهم مركز قرار في السلطة التنفيذية… منح الدستور صلاحيات مهمة، ليس المجال لتفصيلها الان، ولكن لم يمنحه سلطات مطلقة تجعل منه فرعون مصر… لما عانى التونسيون من استبداد حكم الفرد وخاصة بن علي والى حد ما بورقيبة… امتنعوا عن تكرار التجربة.
3. الرئيس قيس سعيد يبحث عن ادوار خارج الدستور
نتابع سير نشاط السلطات في العالم الديمقراطي ونرى ان لرئيس مجلس النواب ادوار مهمة في السياسة الخارجية كما في الولايات المتحدة حيث نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب شخصية محورية في السياسة الخارجية تتحدث في كل القضايا وتتناول كل الشؤون الامريكية مع اروبا والصين والعالم العربي والشرق الاوسط و… و… حيث تختلف مع الرئيس حينا وتتفق معه احيانا أخرى كما انها لا تتوانى عن دعم سياسة الرئيس عندما تتلاقى نظرتها مع الجمهوريين رغم كونها ممثلة للحزب الديمقراطي.
كما تابعنا تحركات النواب الامريكيين عبر العالم حيث يزورون الشرق والغرب ويتناولون (جميع القضايا) سواء راقت للرئيس ام لم ترق، لان للرئيس صلاحيات يمكنه “ضبط سياسة البلاد الخارجية” والتي لا يمكن ان تكون في تونس (حكرا) للرئيس لانه في شراكة مع الحكومة عبر وزارة الخارجية وعبر البرلمان عبر لجانه المتخصصة.
وتحتاج السياسة الخارجية التونسية الى (توافق بين الرؤساء الثلاث) وجوبا… والتي لا يمكن ان تنفرد بها (جهة ما).
وعوضا على ان يمارس رئيس الجمهورية صلاحياته “وفق ما منحه الدستور” فانه يبحث عن دور (خارج الدستور) يمنحه سلطات لا حدّ لها وبذلك نرى تبرّمه من الدور التاريخي لرئيس البرلمان راشد الغنوشي ذي التجربة الطويلة والارث النضالي وشبكة العلاقات الانسانية والديبلوماسية التي نسجها عبر تاريخه النضالي.
ولعلّ ما تضايق منه الرئيس قيس سعيد هو رغبته في ان لا يظهر كائن سياسي يغطي اشعاعه.
لقد كان بامكان الرئيس قيس سعيد ان يحيط نفسه بمستشارين من طراز عال يساعدونه على تبين مصالح تونس وكيف تحافظ عليها وتنميها كما فعل المرحوم الباجي قائد السبسي في الملف حيث كان حاسما في مساندة حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا دون قطع الجسور مع حفتر… مع اختلاف الظروف حاليا.
لم يتضايق سي الباجي الرئيس الخبير المحنك ممن كانوا يتواصلون مع طرابلس كما انه لم يغضب من الذين زاروا حفتر والتقطوا معه صورا تذكارية.
أتمنى أن يقوم الرئيس قيس سعيد بالأدوار التي منحها له دستور 2014 لا اكثر.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.