الحبيب بوعجيلة
شهد مفهوم “السيادة” و “المحلي” تطورات كبيرة منذ نهاية الاستعمار القديم ثم ظهور الاستقلالات الوطنية واصبح المفهوم حاملا لمضامين اكثر انسيابا منذ ظهور العولمة وما يسمى بكونية حقوق الإنسان وانفلات صراع الأمم والمصالح وظهور حروب الجيل الخامس بل وتطور مفهوم المجتمع المدني الدولي.
طبعا لا مناص من إدخال “العامل الخارجي” ودوره في الصراعات المحلية من تدخل دول كبرى أصبحت ترى مصالحها وحدودها لا حيث تقف “أخر دبابة لجيشها” كما يقول المثل التقليدي بل حيث يقف “اخر رجل مخابراتها” او حليفها المحلي سياسيا كان أو إعلاميا أو لوبي أو حزب يدين بالولاء لها.
ليس من سذاجة “نظرية المؤامرة” ان نبحث في تداخل الأجندات الدولية ولعبة الأمم والارتباطات ونحن نحلل ما يجري من أحداث وطنية فنحن اليوم منذ نهاية القرن العشرين قد دخلنا عصر العالم المفتوح وساحة القرية الكونية التي يخاض فيها الصراع الدولي بالمحلي وتمارس فيها المصالح المحلية بالأخذ بعين الاعتبار للتوازنات الدولية.
كفاعل محلي تملك لبلدك مقترحا أو مشروعا تريد إنفاذه من حقك أن تفكر في وسائل إنجاحه عبر التشبيك بالصراع الدولي وأخذه موازينه بعين الاعتبار. لكن كيف يكون مشروعك وطنيا لا وكالة عن كفيل دولي ؟… هنا الصعوبة والدقة… كيف تبني أولا مفردات مشروعك الوطني ليكون في مفرداته ما ينفع وطنك وشعبك في إنجازات اقتصادية واجتماعية وحماية للثروة والحدود والقرار الوطني ثم تتساءل بعدها عن المشهد الدولي فترتب الصديق والحليف والعدو على ضوء مصلحة وطنك… عندها يمكن حتى أن تخوض حتى حربا دولية في محور عالمي من اجل وطنك… هذه مبالغة طبعا للتوضيح ما وصلناش لهذا احنا…
الخلاصة إذن: مفهوم السيادة الوطنية يأخذ الدفاع عليها اليوم أشكالا مختلفة يمكن حتى أن تتجاوزها ويأخذ الحذر من اختراقها كل أشكال الحذر والافتراضات والتشبع حتى بنظرية المؤامرة الدولية وهي ليست خاطئة في المطلق… لكن المهارة والوطنية هي كيف يكون السياسي صاحب وقائد المشروع الوطني قادرا بذكاء على تمكين وطنه من موطئ قدم في عالم انفتحت أبوابه ونوافذه على بعضها بعضا دون ان تقتلع وطنه عواصف الرياح العالمية ولكن دون أن يختنق الوطن بغلق نوافذ لم يعد بالإمكان إغلاقها…
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.