صالح التيزاوي
فرضت جائحة الكورونا تغييرا في طرق تفكير النّخب والسّاسة في مناطق متعدّدة من العالم. تجاوزوا خلافاتهم وخلعوا لباس الفرقة واجتمعوا كل من مواقعه لإنقاذ شعوبهم وبلدانهم والتّقليل من تداعيات الوباء على واقعهم وعلى مستقبلهم… فهل يبدو الأمر كذلك في تونس؟
يبدو أنّنا لم نتّعظ حتّى من الوباء.. ويبدو أنّ الإستثمار في الأزمات أصبح ثقافة عند البعض!! أيّا.. سيدي خويا شد عندك:
بدأت الحكاية ببعض رجال الأعمال، وبينما البلاد في عمق الأزمة كغيرها من شعوب الأرض، أطلّوا برؤوسهم في وسائل إعلام دأبت على خدمة مصالحهم ليقايضوا الدّولة: اطرحوا عنّا الضٍرائب ونحن نساهم في التّضامن..
أهذا كلام منصف؟ تطرح عنهم المليارات ليتبرّعوا ببعض الدّينارات!! في الوقت الذي تبرّع فيه الأجراء والموظّفون بأجرة يوم عمل.. ولم يقيموا مناحة مع أنّ ذلك، كان بمثابة القطع من لحومهم.
“لوبيّات المصّحّات الخاصّة” يشكّكون في مجهود الدّولة لمقاومة الجائحة… ليس الخوف على الشّعب هو الذي أنطقهم… وإنّما أنطقهم الجشع والطّمع في غنائم الأزمة..
نائب، يحظى بصفقة كمّامات، ومهما اجتهدنا في إحسان الظّنّ بنواياه.. فإنّها تبقى مخالفة لمبدإ الشّفافيّة وعدم تضارب المصالح… كما جاء على لسان مختصّين.
عركة امتدّت إلى وسائل الإعلام وإلى شبكات التّواصل الإجتماعي حول ما قيل إنّها فوضى الإقالات والتّعيينات والمستشارين… قابل ذلك صمت من الأحزاب. لماذا؟
ومهما أحسنّا الظّنّ بما حدث، فإنّ الأمر يحتاج إلى قوانين تحدّد عدد المستشارين، وتحدّد أدوارهم وتخفّض من امتيازاتهم حتى لا تغرق البلاد في فوضى المستشارين، ولاسيما أنّ الحكومات المتعاقبة بعد الثّورة تشتكي من ارتفاع كتلة الأجور…
وسط هذه الأجواء المشحونة… نقرأ على شبكات التّواصل دعوات مشبوهة إلى حلّ مجلس النّوّاب بذرائع مختلفة وكأنّ رحيل الوباء مرهون بحلّ مجلس النّوّاب!!!
زيد خوذ عندك… نائبة تخاطب الشّعب أو جزءا منه قائلة: “اشربوا من البحر”… الغلط لا يردّ عليه بغلط مثله أو أشدّ، أليس من الأجدى، أن يتمّ توضيح الأمور ووضعها في نصابها بدل توتير الأجواء وتشتيت الجهود من أجل مقاومة الوباء.
جدل قد يبدو طبيعيّا في مناخ ديمقراطيّ، ولكنّه لا يبدو طبيعيّا في منسوب الكراهيّة الذي تجاوز كلّ الحدود وفي واقع جائحة أربكت الجميع بما في ذلك دول عظمى رغم إمكانياتها العلميّة والتّقنيّة الهائلة، فكيف ببلدان محدودة الإمكانات، تقتطع من أجور الموظّفين، لتستعين بذلك على مواجهة الجائحة.. العالم يمشي بأسرع ما يمكن لتطويق الجائحة والحدّ من تداعياتها، فيما يصرّ البعض فينا على استدراج الجميع نحو مزيد من السّقوط.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.