إسماعيل بوسروال
1. اليسار التونسي في مرحلة الاستبداد
لا انكر الأدوار الإيجابية التي اضطلع بها اليسار التونسي في الحقبتين البورقيبية والنوفمبرية حيث صاغ معركة الحريات في إطارين نقابي ومدني في ظل منع النشاط السياسي.
كان لليسار التونسي مواقف مشرفة في العمل النقابي الاجتماعي تحت يافطة الاتحاد العام التونسي للشغل… كما له نشاط مدني “معارض” في إطار الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وبعض الجمعيات المهنية… وان كان النظام الاستبدادي يقبل بها ويتعايش معها لاعتقاده أنها تقوم بدور مزدوج يخدم مصالحه وهذا الدور المزدوج يتمثل في “وظيفة” شكلية لمعارضة النظام أمام القوى الغربية ووظيفة “مضمونية” تهم أساسا تناقضها الجوهري مع قيم الهوية العربية الإسلامية التي يعمل النظام على تجفيف منابعها.
ولذلك نجد نظاما بورقيبة وبن علي استخدما الوجوه اليسارية ذات التوجه الاستئصالي في مفاصل الدولة حتى تنفذ مقولاتها المعادية للإسلام (مبدأ ماركسي يعتبر الدين أفيونا للشعوب) وحتى تحقق ما يرغب فيه النظام الاستبدادي من ثقافة تنشر الفساد باسم الحداثة وتعليم خال من القيم الوطنية والاجتماعية تحت شعار الأممية… فضلا عن إفساح المجال أمام اليسار ليتحكم في الأمن والإعلام والإدارة.
2. اليسار التونسي واضطراب القيم في مرحلة ما بعد الثورة
حدثت ثورة الحرية والكرامة 14-17 لعوامل اجتماعية أساسا تبعتها مطالب تغييرات سياسية.
لما أنتجت انتخابات المجلس التأسيسي مشهدا لا يليق باليسار التونسي اجتهد لعرقلة الانتقال الديمقراطي من خلال:
• التحالف المباشر مع المنظومة القديمة لأنها صاحبة الفضل عليه بما ينعم من مغانم في مفاصل الدولة، وتخلى عن أي دعوة لتأسيس جديد لجمهورية ثانية طالما لم يكن اليسار مهندسا لها.
• وتوغل اليسار التونسي في الانحراف عن أهدافه الكلاسيكية المعلنة سياسيا خلال الحقبات السابقة التي تتحدث عن السلطة بيد الجماهير الشعبية لأنه اكتشف ضعف رصيده الانتخابي واتجه نحو الأشكال الانقلابية للسيطرة على دواليب الدولة التونسية وبرز ذلك في:
- الترحيب بالانقلاب العسكري في مصر.
- تأييد التمرد العسكري الحفتري في ليبيا.
- الدعوة إلى الانقلاب في تونس من خلال اعتصام الرحيل.
- توظيف النقابات لضرب الاقتصاد.
- انشاء شبكات إعلامية مأجورة لنشر الاكاذيب والاشاعات (اذاعات، تلفزات، مواقع الكترونية).
- توظيف أجهزة الدولة لنشر قيم الرذيلة ومحاربة الفضيلة (سينما، مسرح، برامج تلفزية + برامج تعليمية).
ونجد حاليا في 2020 اليسار التونسي في نفس النقطة التي سقط فيها نظام 7 نوفمبر… اغتراب عن الشعب التونسي وقضاياه وشؤونه و… آماله واحلامه.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.